للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رديئة والإكثار من جميع الفواكه ومن هذين النوعين رديء لإسراع العفونة إليها في المعدة واستحالتها إلى الكيفيات الرديئة ويجتنب قشورها فربما لصق القشر بالمعدة والأمعاء فضر ويهجر كل ما كان فجاً وقديماً عفناً من جميع أصنافها والبقول لايكاد ينهضم منها إلا ما كان مطبوخاً لأنها عادمة النضج في جميع أحوالها إلا أنها في أول منبتها ألطف ويجب أن يجتنب أكلها بالجملة كل معنيّ بحفظ الصحة فإن دعت شهوة أو ضرورة فالفوذيخ (؟) فإنه يقوي المعدة والهندباء فإنه يصفي الدم، والخس فإنه يرطب ويقمع الصفراء ويهجر ما له حرافة وحدة إلا أن يطبخ في جملة الطعام.

صنعة الطعام

إحكام صنعة الطعام أحد قوانين حفظ الصحة لأن الطبيعة تشتهيه فتستمريه وقوام الطعام معنيان نوع الغذاء وصنعه وقوت الصنعة أضر من رداءة النوع، لأن الرديء النوع قد ينقله أحكام الصنعة إلى أن يلتذ ويشتهى. والجيد النوع قد يجري أمره بالضد فيقل ميل الطبيعة إليه ونيلها منه وما فاته جودة الصنعة حل من الطبيعة محل الدواء المستكره لا الغذاء المشتهى وربما ولد أمراضاً لنفار الطبيعة منه وقلة احتوائها عليه ويبلغ من الانتفاع بقوة الشهوة أن الضار قد يصير بها نافعاً بجودة الاستمراء له واستيلاء القوة عليه حتى أن المرضى ربما اشتهوا شيئاً رديئاً فأصلحت قوة الشهوة فساد مزاجه فقلَّ لذلك الاستضرار به، وأحوج الناس إلى هذا الباب من اعتاده ومرنت حاسة الشم منه عليه وارتاضت مذاقته به والجفاة الطبع أقل حاجة إلى التدقيق في هذا الباب أولاً لجفاء التركيب، وثانياً لفقد العادة في الارتياض لمعرفة الطيب وغيره فقليل الصنعة كثير عندهم، وثالثاً أن كثرة حركاتهم تجود هضم معدهم حتى يستمروا من الخبز الفطير ومن اللحم ما ناله الأشمام ولا يستضرون بشيء منه بل يناسبون الحيوانات الصامتة في أكثره وأولى الأشياء بالتقية فيه الخبز لأنه أصل الغذاء والراتب منه وأصوب ما يستعمل فيه المبالغة في إنضاجه فإن القليل النضج منه يولد فيالبدن أخلاطاً غليظة وأدواء خبيثة، والخبز الخشكار أكثر حرارة وأسرع هضماً لحرارة نخالته.

والحواري أبطأ انهضاماً وإذا انهضم كان أكثر غذاءً وأفضل جوهراً وبالجملة فكل ما فاته النضج فالآفة فيه على البدن عظيمة جداً ولا يتناول منه الحار لوقته فإنه بمثابة مالم يدرك