الفضيلة لاعتدال مزاجه، وخيره لحم الفتي منه وإن يجتنب ما صغر كالأجنة وما قرب عهده بالنتاج فإنه يكون لزجاً مولداً للكيموس الفاسد. ويجتنب الضاني القحل اليابس ويقصد السمان دون المهازيل والخصيان دون النعاج، فإن الولد يمص جوهرها ودون الفحول فإن السفاد يؤبس لحمها وكلا المعنيين يأخذ صفو أجساد الحيوان ويختار للأكل الرقبة ولحم الأضلاع والكتف والمواضع المتوسطة للجسد. ويجتنب الرأس وكل ما فيه الأفخاذ وما يليها فإن لحومها غليظة ثقيلة بطيئة الانهضام والأعضاء ذوات الأسماء والهيئات ولا خير فيها كالقلب والكبد والطحال والأمعاء والكروش إنها ليست لحماناً خالصة ولحم الطيور بالحكم الأعم أخف من لحوم المواشي وربما ثقلبعضها بالحكم الأخص وينبغي أن يقصد منها الأسرع انهضاماً، والحيوان المآءيُّ كالبط والغرانيق غليظة زحمة بطيئة الانهضام ولا خير في السمك لأصحاب الأبدان الباردة الرطبة وقد ينفع الطري منه المحرومين ويقصد منه المتوسط بين الصغير والكبير ولما كان في المياه العذبة دون البحار والآجام والمملوح منه كالقديد من اللحم ولا خير فيهما فإنهما كالشيءِ الذي ذهب صفوه ولبابه وبقي أثقل وأغلظ ما فيه، وأما الألبان فمناسبة للحم في جوهرها لأن أصلها الدم وتعمها اللطافة وسرعة الاستحالة فللطفها صارت غذاءً للصغار الذين تضعف قواهم عن الهضم ولاستحالتها صارت أجزاؤها تتميز سريعاً كالزبد والسمن وأمكن أن تتخذ أصنافاً كثيرة من الأغذية والاقتصاد عليها ليس بمحمود إلا لمن جرت عادته بها وإن جعلت أداماً وفي الطبيخ فإن طبيعتها عند ذلك تمتزج بطبيعة ما يكون مخلوطاً بها والحموضة فساد عارض في اللبن كما يعرض مثله في الشراب فليجتنب الصادق الحموضة منه ما أمكن وبياض البيض غذاء ثقيل وخيم وصفرته غذاء شريف كثير التغذية، وأفضله النيمبرشت والذي ينهضم من الحبوب ويستحيل منها إلى الدم أقلها والباقي الفاضل عن الهضم أكثرها وهي في ذلك مخالفة للحم لأنه مناسب للدم بجوهره سريع الاستحالة إليه، وينبغي أن يجتنب منها ما طبيعته توليد الرياح فكل ما يتولد الرياح عنه رديء بطيء الانهضام، وأجود الحبوب للاغتذاء السمين وما تناهى إدراكه ولم يكن فجّاً ولا عتيقاً عفناً كالفتي من الحيوان بين الأطفال والمسان ويعتمد لبابها، ويجتنب قشورها، فإن القشور تولد كيموساً غير محمود، والفواكه قليلة الغذاء ومن أفضلها التين والعنب، وهما مع ذلك إذا لم ينهضما ولدا أمراضاً