العرب البربر وامتزجوا فيهم أي امتزاج. وإن المغاربة الذين رضوا بأن يعيشوا في الأندلس عيش التنبت إلى القرن السابع عشر ليصعب عليهم أن يبرهنوا على أنهم من دم إفريقي ثم أنه يتعذر على الإسبانيول أيضاً أن يذكروا أنسابهم لأن بعضهم مخضرمون خلاسيون فيهم الدم العربي وقليل منهم سرى إليهم دم البربر إبان الفتح وآخرون أصبحوا إفريقيين صرفاً عند زوال ذاك السلطان وخفوق راية الإخفاق على ربوع الأندلس الإسلامية.
ومما قوى أمل المسلمين في المستقبل وزادهم نشاطاً كثرة عديدهم فقد طرد منهم فرديناند الثالث بعد دخوله إشبيلية زهاءَ ثلثمائة ألف مسلم من أهل هذه المدينة فلجؤا من إشبيلية إلى قرطبة وجيان وبلنسية وغرناطة حيث بقيت دولة بني نصر مائتين وخمسين سنة أيضاً وعلى هذا كانت غرناطة آخر ملجأ للعمران العربي أزهر أي أزهار عندما أوشك بالانقراض فرأت حدائق الحمراء البهجة كبار الشعراء والمؤرخين من العرب أمثال محمد بن الخطيب وابن خلدون يجتازانها هما وابن بطوطة الجغرافي العظيم.
كان من نتائج وقعة لاس نافاس دي تولوزا أن حررت إسبانيا من رق العبودية للمسلمين وأدرك ملوك قشتالة أن ليس من العقل مقاطعة الماضي القديم وأنهم في حاجة بعد إلى أن يتعلموا من معلميهم القدماء ومنافسيهم الألداء (المسلمين) فحاول ألفونس العاشر خليفة القديس فرديناند الثالث واكن أوسع ملوك عصلره مدارك أن يعمل لإسبانيا المسيحية ما عمله العرب لإعلاء شأن الإسلام وذلك بالأخذ بأحسن ما فيالحضارتين ومزجهما بالحضارة الإسبانية.
فأسس سنة ١٢٥٤ في إشبيلية مدرسة عامة لاتينية عربية وحفظ لمدينة مرسية رونقها العربي الصرف واستدعى إلى عاصمته العلماءَ من جميع الملل والأجناس ليؤسس مدرسة طليطلة الثانية وقوامها اختيار أحسن المعارف النافعة وهي أقرب إلى التسامح من المدرسة الأولى إذ كانت تجمع إلى التقاليد اللاتينية الحضارة العربية والعلم العبراني. وذلك لأن الإسرائيليين على سعة آمالهم في أحكام صلات التآلف بينهم وبين مسلمي الأندلس وما عرفوا فيه من مرونة الأخلاق قد عوملوا أسوأ معاملة وأوذوا في أنفسهم كما آذى المرابطون والموحدون نصارى تلك البلاد. فقتل الإسرائيليون ونفوا ومن سعدهم أن لجؤا