العربية كانت في الدرجة الثانية بالنسبة لما شرع فيه من إصلاح التعليم سنة ١٨٤٥ على يد المسيو جيل دي زارات وبفضل هذا عادت العربية تدرس في الكيات رسمياً.
ولما استلمت الحكومة الإسبانية سنة ١٨٥٧ زمام إصلاح التعليم من دون رجال الدين أو الملك أو الأشراف ربحت اللغة العربية حتى كادت تعود إليها حياتها التي كانت لها في شبه جزيرة الأندلس منذ القرن الثامن إلى القرن الخامس عشر ثم إن فقد إسبانيا لمستعمراتها في أميركا وآسيا ضاعف حركتها العلمية وطمحت بها آمالها السياسية نحو استعمار أفريقية أي مراكش.
فأخذت معرفة اللغات والآداب العبرية والعربية من تلقاء نفسها تدخل في قائمة دروس التعليم العالي وأصبحت المجموعة النفيسة من المخطوطات العربية الموجودة في مكتبة الأسكوريال ومكتبة الأمة ومكتبة المجمع العلمي التاريخي ميداناً للمستعربين من الإسبانيين يبحثون فيه ما شاؤا ويضاف إلى تلك الأسفار الثمينة المجموعة النادرة جداً من المخطوطات العربية المكتوبة بحروف عبرية الت احتفظت بها رهينة الكنيسة الكاتدرائية في طليطلة. دع عنك تلك النفائس التي اقتنتها بعد مكتبة العالم كايانكوس وما اقتناه الأستاذ كودرا في رحلاته إلى مراكش وتونس.
وعندنا أن للمستشرق كايانكوس الفضل في أنه خط للمشتغلين بالعربية في إسبانيا طريقاً مهيعاً فقام على أثره زمرة من العلماء وفي مقدمتهم المحترم الدكتور فرنسيسكو كودرا الذي احتفل بيوبيله احتفالاً دل على عواطف أهل العلم الأوربي. وقد أصبحت مينتان من مدن إسبانيا كهف اللغة العربية ونعني بهما مجريط (مدريد) وغرناطة فنبغ في مجريط الدكتور كودرا أستاذ الكلية الوسطى والدكتور فرناند إيكونزالز والأب لازكانو الذي أخذ يبحث في اللهجة السورية في دير الأسكوريال وهو العمل الذي بدأ به في بيروت. وغير هؤلاء العلماء بالمشرقيات وقد انضم إلى هاته الزمرة الغيورة أناس من الفتيان أخذوا على أنفسهم الجري على آثارهم لإتمام العمل الذي بدأوا به وتقوية روابطه مثل الكاهن المسيو ميكل أسين أستاذ اللغة العربية في الكلية الوسطى والأستاذ ريبرا أستاذ كلية سرقسطة الذي يدرس في مجريط حضارة المغاربة والعبرانيين والمسيو آلماني مدرس اليونانية والعالم المشهور بالعربية والمسيو فيف عضو المجمع العلمي التاريخي والمؤرخ الأثري المحقق