للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أصبح عدواً هائلاً يخيفني أكثر من دنلسون فما زلت منذ تلك الساعة أحاذر أن أوجد في طريقه.

أما الأعمى المسكين الذي لم أعرفه قبلاً فكنت لا أعلم بأي عبارة أعتذر إليه فجلست على المقعد ولم أهم بحركة حتى أكمل الثلاثة لباسهم وهموا بالخروج فقال دونلسون وصوته يتهدج من الغضب: أتأذن لي الآن بالانصراف؟

أما ماتيو فلم يقل شيئاً بل كان ينتظر كراب الذي تأخر في الاكتساء لضعفه كي يقوده إلى خارج الغرفة، ولما استعد تقدم إليّ ببطء وبخطوات متقلقلة فأراد ماتيو أن يقوده خارجاً ولكنه دفع الذراع التي مدها إليه صديقه وقال له:

انتظرني دقيقة أيضاً يا فرانك

ثم خاطبني قائلاً:

إن هذه الحادثة قد أزعجتنا جميعاً ولكنني لا أحقد عليك لأنني أقدر أن أتمثل حالة نفسك فأنا مغتم غير أنني أرجوك أن لا تظن بي سوءاً.

وهذه الكلمات التي لفظها ذلك المسكين أذابتني خجلاً لأنني لم أكن مستحقاً هذا التلطف بعد أن عاملته بخشونة كما عامله رفيقيه فأجبته:

تأكد يا مسيو كراب أنني كنت راغباً أن لا أفتشك لولا إصرار دونلسون.

فقال الأعمى لا شك عندي بذلك ومهما يكن من الأمر فإني لا أطوي لك ضغينة في صدري.

ثم مددنا يدنا وتصافحنا مصافحة الإخاء وبعد أن حييته وأجاب تحيتي قال:

لي إليك كلمة أيضاً وبعدها أذهب: إن الحادثة التي جرت في هذه الليلة قد ضيقت صدري فأدركني بقدح من الماء فلم أستغرب هذا الطلب لأن حلقي كان يلتهب من الظمأ فقلت له إن آنية الماء قد انكسرت فهل لك في قدح خمر أو غيره من المشروبات.

فقال شكراً لك لا حاجة لي بذلك، ولكنك تجد بقية ماءٍ في قدحي.

فأخذت القدح وناولته إياه.

فشكرني وهو يأخذ القدح وبعد أن شرب السؤر وضعه على المائدة وتأبط ذراع ماتيو وخرجا سوية من الفندق وكان ينوي أن يكلمني فوقف الكلام على شفتيه.