ثم سقطت على مقعدي خائر القوى وأحاقت بي ظلمات متراكبة من اليأس.
وإن الفكر الذي كان يدور في خلدي من أن السارق أحد هؤلاء الثلاثة لم يبارحني لحظة، وكانت شبهاتي تقع على دونلسون ومع هذا فلم أر أبداً من التسليم أنه من المحتمل أن يكون الثلاثة شركاء في السرقة قد اتفقوا من قبل أن يلعبوا بي هذه اللعبة المشؤومة فقلت إذا كان الأمر هكذا فإنهم لا يلبثون بعد خروجهم من الفندق أن ينشقوا أو يتنازعوا وللحال نهضت ومشيت على أطراف أصابعي دون أن أحدث أقل صوت ومشيت في الرواق فأدركت ماتيو وكراب في منتصف السلم وظلا صامتين لم يلفظا كلمة حتى بلغا الباب الخارجي، فعندئذ قال ماتيو لكراب:
هاهنا عربة وسأعينك على الصعود إليها وأعين للسائق المحل الذي تروم أن تبلغه، وأما أنا فلا أود أن أدخل البيت حالاً لأنني ما زلت متهيجاً جداً.
فأجاب الأعمى حسناً إنني أعرف ذلك ولكن إياك أن تأخذك الحدة والطيش بسبب هذه الحادثة أسمعت يا فرانك؟
فلم يجبه ماتيو.
ثم نظرت كراب يصعد إلى العربة وصديقه يري السائق الجهة التي يجب أن ينحوها فسارت العجلة من الوجهة المعينة وسار ماتيو في الجهة المعارضة حيث كان دنلسون ينتظره على كثب.
وبقي الرجلان اللذان لم يرياني صامتين بضع دقائق وأحدهما بجانب الآخر ثم شرعا بالكلام معاً وكانت جملهما واحدة تقريباً:
ـ هل أنت أخذت الماسة يا جورج؟ (سأل ماتيو)
ـ هل أنت أخذت الماسة يا ماتيو؟ (سأل جورج)
إن صدور السؤالين في وقت واحد وبتركيب واحد تقريباً لم يغير شيئاً من جد الرجلين، وكان دونلسون أقل صبراً من رفيق فأجاب قائلاً:
أؤكد لك أنني لم آخذ الماسة.
فقال ماتيو ولا أنا أيضاً، وليس في وسعنا أن نقول أن كراب هو السارق لأننا إذا فرضنا أنه همّ بذلك فإنه عاهته تمنعه ذلك.