تعجل المرء في الإلحاح عليها تفسد وتتعطل، فتربية الطفل يجب أن تكون باعثة لمجموع الجسم على التقوية لا أن يعجل في استخدامها قبل أوان بلوغها ودماغ الولد لا يكمل إلا بعد حين ولذلك اقتضى أن لا يطلب منه إنتاج شيء قبل العمل ويكتفي بتلقين الولد العادات والأساليب التي تدر به بعد على العمل، وعلى العكس في العضلات فإنها تقوى بسرعة وكذلك هيكل الجسم فإنه يستحكم في السنين الأولى من الحياة ويقاوم أحسن مقاومة فنرى أن يمرن الطفل من سن الخامسة إلى العاشرة ساعة في الأشغال العقلية ومثلها في الأشغال الطبيعية ومن العاشرة إلى الخامسة عشرة ساعتين في الأمور الذهنية وثلاث ساعات في الأعمال العضلية ومن الخامسة عشرة إلى العشرين ثلاث ساعات في الأعمال العقلية وساعتين في الأعمال العضلية، والأخير خاص بالشبان الذين يختصون بالأعمال العقلية والأدبية والعلمية والفنية، ولا بأس في تلك السن بتعليم الأحداث صناعة يدوية إذ إن جمهور الفسيولوجيين على أن مهارة اليد تعمل عملاً نافعاً في جلاء الفكر وتؤثر أحسن تأثير في قوة الإرادة، بيد أن العمل اليدوي يعدل من العمل العقلي بل يكون له عوناً على تربية الفتى تربية عملية نافعة ويتمكن من تحصيل معاشه على كل حال فيكون مثال الرجل الحر المستقل.
القاعدة الثالثة ـ ليكن جسمك طاهراً نظيفاً على الدوام ـ للجلد وظائف مهمة للصحة كالرئتين فإنهما للتنفس والكليتين لإفراز السموم التي تنبعث من حياة الخلايا المؤلفة منها حواسنا وأنسجتنا فالجلد كالرئة يتنفس ويرشح فبالعرق يفرز الجلد كما تفرز الكليتان مع البول مواد سامة وتنفع الكلى وبالرشح يتعدل مزاج الجسم لأن الرشح هو العامل الوحيد في تركيبنا لمقاومة الحرارة شأن آنية يبرد ما فيها بتبخر السائل الذي يرشح إلى سطح الطين ذي المسام، وإذ كان الجلد سطحاً واقياً من الوسط الخارجي والعوامل الطبيعية والجراثيم يجب أن يترك نظيفاً ليحفظ نعومته التي بها يقاوم المؤثرات الخارجية فالجلد الذي لا يعنى به يتخرق ولا يقاوم فعل البرد وتدخل فيه الجراثيم التي تعلق فوق سطحه، وتحسن حالة الجلد بالدلك والغسل وصب الماء الحار أو البارد على الجسم بحسب مزاج الإنسان والمواسم، وربما لا تطيق بعض الأجسام صب الماء عليها ففي هذه الحالة يجب الاعتياد على الدلك والغسل يومياً لأن ذلك شرط في تدبير صحة الجسم.