للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والحمام وغيرهما وكانت فيها خزانة كتب عظيمة كما في غيرها من المدارس الكبرى مسبلة على العالمين والمتعلمين فيها. وبنيت طبقتين وأقيمت في أطرافها أروقة وطاقات وجعلت فيها أنابير ومستودعات فيها كل حاجيات أهلها من طعام ولباس وفراش وكان المعلمون كالمتعلمين يكفون المؤونة فيها فينال كل واحد من أوقافها الدارة ما يسد به عوزه وربما ما يفيض عن حاجته.

وليس فيما لدي من المواد شيء يصح الاستنباط منه لإصدار حكم صحيح على نظام الدروس والمدرسين والدارسين في تلك المدرسة وناهيك بأنه كان لها مفت يفتي أهلها في مصالحها على ما هناك من أساتذة هم فخر الإسلام والمسلمين في أعصارهم فقد كان الشيخ رضي الدين أبو داود سليمان بن المظفر بن غانم بن عبد الكريم الجيلي الشافعي مفتياً فيها. كما درس فيها جلة مثل أبي اسحق الشيرازي وأبي نصر بن الصباغ وحجة الإسلام أبي حامد الغزالي وأخيه أبي الفتوح أحمد وأبي الفتح بن برهان وأبي القاسم الدبوسي وأبي عبد الله الطبري وأبي محمد الشيرازي وضياء الدين السهروردي وأبي القاسم القشيري وأبي منصور الوزان وأبي الفتح أسعد المهيني وأبو النجيب عبد القاهر بن عبد الله شيخ العراق في وقته وأبو سعيد المتولي وكمال الدين النحوي وفخر الإسلام أبو بكر المستظهري وأبو بكر بن الدهان النحوي الضرير والشرف يوسف بن بندار الدمشقي وعشرات غيرهم ممن تخرج بهم مئات من الفقهاء والمحدثين والأصوليين والمتكلمين والمتأدبين وغيرهم.

وشقيقة هذه المدرسة بل خليفتها المدرسة المستنصرية بناها سنة ٦٣١ المستنصر بالله في الرصافة على ضفة دجلة الشرقية وانفق في بنائها ما ينفقه الملوك في بناء إذا أرادوا به تخليد ذكرهم وإحياء مفاخرهم. وجعل فيها خزانة كتب حملت من الآفاق حملها مائة وستون حمالاً وفي رواية بعض المؤرخين أنها كانت مائتين وتسعين حملاً عدا ما أضيف إليها بعد. قال الذهبي وأوقاف هذه المدرسة عظيمة غلت في بعض السنين سبعين ألف دينار قيل أن قيمة ما وقف عليها يساوي ألف ألف دينار. وقد جعلت على المذاهب الأربعة وأقيم فيها مستشفى وأطباء يدرسون الطب كما يدرس فيها علم الحيوان النبات والفلك والرياضيات على اختلاف ضروبها والآداب على أنواعها والجغرافية والتاريخ وعلوم الحديث والقرآن.

وشرط بانيها أن يكون عدد الفقهاء فيها مائتين وثمانية وأربعين فقيهاً يصيب أهل كل