للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مذهب ربع هذا العدد يأخذون رواتب وجرايات كثيرة هذا ما عدا المحدثين والمقرئين ومشاهراتهم وعدا كتاب متصل بالمدرسة خص بثلاثين يتيماً يستظهرون فيه الكتاب العزيز ويكفون المؤونة وعدا المدرسة الطبية والمستشفى والصيدلية التي يدرس فيها الدارسون ويستشفى بها المرضى ويأخذون ما يقتضي لهم من المعاجين والأدوية.

وأول من عهد إليه التدريس في تلك الكلية محي الدين أبو عبد الله ابن فضلان الشافعي ورشيد الدين أبو جعفر الفرغاني الحنفي والنيابة عنهما جمال الدين أبو الفرج بن الجوزي الحنبلي وأبو الحسن المغربي المالكي واشتهر من مدرسيها جمال الدين العاقولي. ووصف هذه المدرسة العالم محمود شكري الآلوسي في كتابه مساجد بغداد ومدارسها فقال أنه كان فيها مزملة للماء البارد وأن الداخل إليها اليوم من بابها الكبير الجنوبي يرى فسحة طولها نحو مائة متر وعرضها نصف ذلك وفي كل جهة منها إيوان رفيع السمك كأنه أعد كل واحد منها لمدرس من المذاهب الأربعة وأن الموظفين بها كانوا أقل من المشتغلين فإنهم في كل وقت كانوا دون ألفي طالب على اختلاف طبقاتهم واستعدادهم وأما الموظفون فهم دون الألف وكانت التفرقة بين الأصناف والطبقات بألوان الطيالس فذوو الطيالسة الصفر صنف والبيض صنف والحمر صنف وهكذا. وكان في بابها ساعة عجيبة.

هذا ملخص ما كانت عليه النظامية والمستنصرية من الإتقان العجيب ولم يبق للأولى من أثر اليوم غير قاعدة منارتها وهي مطبخ أحد الإسرائيليين وبقيت الثانية محفوظة من أيدي التخريب إلا قليلاً بيد أنها حولت إلى إدارة جمرك منذ بضع سنين وذهبت تلك الحضارة وما يتبعها جملة وراحت النظامية ولم نعد نسمع إلا بأخبارها وربما تتبعها المستنصرية تلك المدرسة التي بلغ من غرام بانيها بها كما قال ابن العبري أنه بنى بجانبها بستاناً خاصاً له وقلما يمضي يوم إلا ويركب في السيارة ويأتي البستان يتنزه فيه ويقرب من شباك مفتح في إيوان المدرسة ينظر إلى البستان وعليه ستر فيجلس وراء الستر وينظر إلى المدرسة ويشاهد أحوالها وأحوال الفقهاء ويشرف عليهم ويتفقد أحوالهم. فليت المستنصر يحيا اليوم فيرى ما فعلت الأيام بما شاده وشاده نظام الملك.