للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكامل المبرد المطبوع في أوروبا إذا قيس بالطبعة الثانية المصرية التي نقلت عنه فكانت الصحة تغلب عليها أكثر من الكتب التي نطبعها ابتداءً.

ومن غريب أمر الطابعين في مصر أنهم يستحلون طبع الكتب التي تعب علماء المشرقيات من الأوربيين في أحيائها فيعيدون طبعها بالسقم المعهود في مطابعنا فتجيء والعين تنبو عن النظر إليها دون الطبعة الأوروبية بمراحل ومع هذا يستنكف أولئك الأمناء أن يشيروا إلى النسخة المنقول عليها تمويهاً بأنهم هم ناقلوها عن أصل مخطوط ظفروا به وتكلفوا في البحث عنه ضروب المشقة والنفقة كأن أولئك الفضلاء الذين لهم الفضل الأكبر في إحياء مآثر أجدادنا غير أحرياء أن يذكروا بكلمة شكر لمعاونتهم لنا.

وإنا لنرى حتى الآن خزائن الكتب في بلادنا طافحة بالمخطوطات من الأمهات التي تجب المبادرة إلى تمثيلها بالطبع على مناحي الغربيين ونرى طابعينا وكتبيينا يكررون طبع تلك الكتب المألوفة والمستنير الفكر منهم يمد يده إلى كتاب طبعه أوروبي فعانى عرق القربة في سبيل نيله فيعيد طبعه مدعيه لنفسه وإنه هو الذي أحياه، وخزائن كتب الأستانة وخزانة دار الكتب المصرية وحدها مملوءة بالنوادر التي لو أحييت على الطريقة التي تجب من العناية لكان فيها الربح الجزيل والشرف الأثيل لطابعيها وناشريها.

لو بذل أرباب المطابع في مصر والشام والأستانة وبغداد وتونس وفاس بعض عناية الأوروبيين بكتبنا قبل أن يمثلوها بالطبع لكان عندنا اليوم من المطبوعات العربية ما نفاخر الأمم بكميته وإتقانه، نحن لا نقول لطابعينا أن يتأنقوا ويبالغوا في التصحيح كما يبالغ أكثر المستشرقين في الطبع بأن يرسلوا أحياناً الملازم المصفوفة حروفها من مملكة إلى أخرى لتعارض على الأصل الآخر الذي هناك أو لتدفع لعالم متمكن من الفن الذي جعل الكتاب في موضوعه يمر عليها نظره وإنما نريدهم على السخاء المعتدل في التصحيح وجعله من أوليات المسائل في الطبع لا مناص من توسيده إلا للعالمين به كما لا مهرب من إعطاء أجرة المنضد والمرتب والطابع والمجلد لكل من أراد أن ينشر كتاباً.

طبعت بعض مطابع الهند وفارس كتباً عربية كثيرة ومعظمها بالحجر في موضوعات دينية من حديث وفقه وكلام ولكن بعضها على العجمة المستحكمة من السن أهل تلك البلاد تكاد تكون أقرب إلى الصحة والضبط من بعض ما طبعه العرب من أرباب الطباعة في هذا