وهنا انتهت الصفحة واختلط الكلام بغيره والغالب أن ورقة سقطت من الوسط، وكان فيها تكملة ذلك الوصف المسجع المستملح، وهناك رسائل كتب بها الوزير الكاتب أبو مروان بن زكريا ورسائل كتب بها ذو الوزارتين أبو بكر بن عبد العزيز منها كتاب كتبه عن أهل قرطبة إلى علي بن يوسف بن تاشغين ونصه: أيد الله أمير المسلمين بالتقوى وعمر به ربع الإسلام فلولا رجاؤه لكان قد خرف في هذه الجزيرة وأقوى وأتم به وعليه النعمى وجعل ذراه الأمنع الأحمى وأمده بالقوة والرحمى وأنار به طريق الهدى وصدع بنظره الحميل جميع العدى وجعله ممن اشتمل بالتوفيق وارتدى وجرى في غايات البر فسيح المدى واتبع آثار الذين هداهم الله واقتدى، كتبناه أدام الله تأييده وطاعته لم تخلق برودها ولم تتقض عهودها ولم يتغير معهودها ونحن لحقه مقدمون ولما أوجب الله من فرض إمامته معظمون ولما قضاه مسلمون ولما أمضاه مستسلمون وبين يدي أشفاقه باكون خاشعون وإلى جنابه وارتماضه (انفعاله) شاكون ضارعون وللحق فيما ينهيه حاكون وبه صادعون وقد ضاقت بالنفوس الحناجر وأسلمت الدموع المحاجر وسمعنا صراخ الأسرى المضطهدين يمنة ويسرة فما ملكنا إلا عبرة أو حسرة ووددنا يوم انتقل الأمير الأجل ولي العهد عن أنظارنا وارتحل من ديارنا أنا لقينا الموت المعجل فأراحنا من الأوجال ولم ترتق الخطوب إلينا حالاً بعد حال وهذا العدو المجاور لنا قضمه الله قد أحرقنا بشررة من ناره وأغرقنا في قطرة من غماره فكيف نكون بعد وقد أشجانا بشؤبوب برد ورمانا بضرم متقد ونحن نستقبل به جمعاً ولا نطيق له بغير الله دفعاً ونترقب آزفة تترك أنوار الإسلام والله الكافي كاشفة ولا تجد لها من دون الله كاشفة بل هو القادر على أن يصرف إلينا نظر أمير المسلمين فيسهل لنا مقاصدها ومسالكها ويرد عنا محاذيرها ومهالكها.
وتفسير هذه المقدمة الشديدة الوقوع الكريهة المسموع الأميرة قلعة رباح ومورة نفدت في شهر كذا وأوعب العسكر مع والينا أبي محمد وفقه الله في نقلها ونهضوا بما تحملوا من ثقلها فلما أعنقوا في مضمارهم وبعد عنا ماكنا نتطلع من أخبارهم جاء الصريخ أن عسكر الروم دخل على فج المساجد إلى بلاد الإسلام رد الله عنه كيد عبدة الأصنام وهناك مقاصد شتى شعوبها وغنائم لا يتعذر مطلوبها فأخذ بنا الورع في كل طريق وخفنا على كل جانب