أحكم شعباً يهودياً لأعدت معبد سليمان) ويظهر لي أنه لم يقم منذ الاسكندر الأكبر وقيصر بين عظماء الرجال من عرف كيف يكون التأثير في تخيل الجماعات مثل نابليون فقد كان ذلك التأثير همه الدائم ما نسميه في انتصاراته وخطبه وأحاديثه ولا في عمل من أعماله وكان يفكر فيه وهو على سرير موته.
وقد أجاد المؤلف في كلامه على أفكار الجماعات ومعتقداتها ولا سيما في فضل التربية والتعليم وإثباته بالإحصاء أن الميل إلى الجرائم يزداد بانتشار التعليم أو هو يزداد بانتشاره على طريقة مخصوصة وأن الأمم اللاتينية أسست تعليمها على قواعد غير صحيحة تنمي الكفاءات الفنية ولا تؤثر في رقي الأخلاق وإن طريقة الانكليز السكسونيين غير طريقتهم فليس لهؤلاء مدارس خصوصية بقدر ما لفرنسا والتعليم عندهم لا يتلقى من الكتاب بل من الشيء نفسه فالمهندس مثلاً يتكون في المصنع لا في المدرسة وهو ما يسمح لكل واحد أن يصل في حرفته إلى الحد بالذي تصل قدرته العقلية فيكون عاملاً أو رئيس عمال إذا قعد به الذكاء عند هذا القدر وهو مهندس إذا قاده استعداده إلى هذا الدرج.
وأحسن ما شاء الإحسان في الكلام على الصور والألفاظ والجمل وما لها من السلطان على النفوس فقال أن الألفاظ والمعاني قد تختلف معانيها في قرن عن قرن وفي أمة عن أمة فمعنى الديمقراطية عند الجنس اللاتيني انزواء إرادة الفرد وإقدامه على العمل من نفسه أمام إرادة المجموع وهمته والمجموع تشخصه الحكومة فالحكومة هي المكلفة لإدارة كل شيء وحصر كل شيء واحتكار كل شيء وصنع كل شيء وهي التي تلجأ إليه دائماً الأحزاب بلا استثناء من أحرار إلى اشتراكيين إلى ملكيين وعلى الضد من ذلك يفهم الانكليزي السكسوني وبالأخص الأميركي من كلمة ديمقراطية نمو إرادة الفرد وإقدامه الذاتي إلى الحد الأقصى وانزواء الحكومة بقدر ما أمكن فلا تكلف بعد الشرطة والجيش والعلاقات السياسية بشيء حتى التعليم وعليه فاللفظ الواحد يفيد في بلد جمود إرادة الفرد وسكون إقدامه الذاتي واستعلاء كلمة الحكومة ويفيد في بلد آخر انزواء هذه وارتفاع صوت الأول.
وهكذا زاد الموضوع جلاء في الفصول التي عقدها المؤلف بعد هذا الفصل وأصبح لا يتعذر فهمه على الطبقات المتوسطة في المعرفة وجوّد الكلام على المجالس النيابية أي