للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لسنا في صدد بيان مساوئ الدور البائد بل نريد الإلمام بغنانا وذكر شيءٍ من مستقبلنا، وغنانا في دور هذه الحكومة النيابية السعيدة مناط بهمتنا وهمتها إن عملت وعملنا حسبت بلادنا في عشر سنين في جدول البلاد الراقية وإلا فنبقى دستوريين بالاسم لا نستثمر من قوانيننا الجديدة وخيرات بلداننا العتيدة فائدة يعم نفعها.

نحن نطالب الدولة اليوم أن تؤسس لنا من المرافق العامة ما لا طاقة للأفراد أن يقوموا به من مثل إنشاء السكك الحديدية حتى تربط الأستانة مع أقصى بلاد العرب وتتصل وأن باشقودرة وطرابزون بالقدس وبغداد بالقاهرة ودمشق بطرابلس الغرب فتصبح ولايات الروم ايلي والأناضول وبلاد العرب متصلة كالحلقة الواحدة بشرايين من حديد ويتيسر لفلاح ملاطية وحكاري في الديار الكردية أن يبيع غلاته وثمراته من ابن طنطا والاسكندرية في الديار المصرية فلا تباع اقة الخبز الجيد بعشرين بارة كما في بعض بلاد الأناضول وتباع في دمشق بثمانين وتباع بمئة وستين في القاهرة.

نطالب الدولة أن تنشئ السدود وتجفف المستنقعات حتى ينتفع بكل شبر من الأرض يمكن زرعه وتشجيره ولا تهلك البلاد المجاورة لتلك المياه لقلة ريها كمن يصبح عطشاناً وفي الماء فمه وأن تصلح سقياها فلا يذهب ماء الفرات ودجلة بل مياه كثير من الأنهار والخلجان بلا فائدة وترى حواليها البلاد قاحلة تنتظر ماء الأمطار لتروى وما هي بمضمونة معظم السنين، وبذلك تجود صحة السكان النازلين بالقرب من تلك الأراضي وتقل الحميات والأمراض الوافدة فيهم فينمون ويتناسلون فتزيد البلاد بهم قوة.

كانت الأوبئة والطواعين تنتاب البلاد العثمانية قبل أن يعرف الأهالي والحكومة معنى التوقي المشروع فتهلك من سكانها مئات الألوف ولو ذكرت تواريخ المتأخرين ما انتاب البلاد كلها من الموتان فقط في المائتي سنة الأخيرة لزال العجب من قلة النفوس في بعض الولايات قلة لا تكاد تصدق، ولكن الزلازل والأوبئة والحريق والغارات مهما بلغ من تدميرها السكان والمكان يتأتى جبر ما أوهته ورنق ما فتقته وتعويض ما خسرته لو كان في البلاد شيء يقال له عدل وعلم.

مثال ذلك مدينتنا بيروت ودمشق فإنهما منذ جلب إليهما ماء نهر الكلب وعين الفيجة في أنابيب تقي الماء من الجراثيم الضارة قلت الأمراض قلة محسوسة حتى أن الهواء الأصفر