للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عليها أو على الأمة أن تنشئ خطاً حديدياً مثلاً من دمشق إلى بغداد والمسافة بينهما ثمانمائة كيلومتر أو من دمشق إلى الأستانة والمسافة ألف ومئة كيلومتر تمر بأقاليم كلها عامرة بطبيعتها مشهورة بخصبها وجودة تربتها.

ولكن البلاد حتى اليوم لم تبرح كمن خرج من تحت الردم لا يكاد يفيق لكثرة ما لقيه من مصائب الأدوار السالفة والحكومة على سعي القائمين بشؤونها في العاصمة لم تستطع حتى الساعة أن تدبر ميزانيتها على ما ينبغي والعجز لم يزل يربو على أربعة ملايين ليرة كل سنة فقد بلغت نفقات الحكومة هذا العام ٢٩٩٢٩٥٢١ ليرة عثمانية ووارداتها ٢٤٥٨٧٢١٧ ليرة على ما أدخل عليها من تعديل رواتب الموظفين وغير ذلك من أنواع الاقتصاد وكان يرجى أن تزيد الأعشار هذه السنة زيادة محمودة لأن معظم أرباب النفوذ والفنى لم يعتادوا أن يؤدوا للخزانة في السنين الغابرة أكثر من خمس وارداتهم في الأغلب بل بعضهم ما كانوا يدفعون عشر العشر دع عنك سائر التكاليف.

وآخر إحصاء رأيناه في زيادة أعشار هذه السنة أنها زادت في السلطنة عن السنة الماضية مائة وخمسين ألف ليرة مع أن أعشار ولاية سورية وحدها زادت ثلاثة وأربعين ألف ليرة ولو عنيت حكومة هذه الولاية بتلزيمها حق العناية لما قلت الزيادة عن مئة ألف ليرة من الأقضية والألوية التي تدفع الأعشار بدلاً فضلاً عن لواء حوران الذي يدفع عشراً مقطوعاً بلغ هذه السنة تسعين ألف كيلة من الحنطة ولو استوفت من أهله الأعشار بحسب ما يجب عليهم أداؤه لأخذت هذا القدر المأخوذ من قضاء واحد فما بالك بسائر الأقضية على أن بعض الولايات كحلب مثلاً أصيبت هذه السنة بنقص غلاتها وثمراتها للجراد الذي انتشر في أرجائها ولكن حال سائر الولايات ليس كذلك.

ولا علة لهذا إلا أن موظفي المالية والإدارة ضعاف في معظم الولايات والأهلون أكثر منهم جربذة واحتيالاً فتمكنوا كما كانوا في العهد السالف من التزام الأعشار بالأثمان البخسة ويفكر ناظر ماليتنا اليوم في تخفيض العشر من اثني عشر ونصف في المئة إلى عشرة فقط لتبقى للفلاح بقية صالحة من وارداته يعمر بها أرضه ويكسو أهله ويرمم اصطبله وداره ويستكثر من الماشية لأن الحكومة تستوفي الآن من الفلاح جميع ما يملك كل سبع سنين، كما يفكر في زيادة رسوم الكمارك أربعة في المئة فتصبح خمسة عشر في المئة بدلاً