أحوالهن المالية بالعيش أبداً في أحياء معرضة للهواء وبيوت توفرت فيها شرط الصحة على بابها فقد أسفر ذلك عن انقطاع الحواس التنفسية عن بلوغ حدها الأعلى من الانبعاث لقلة التمرين الوظائفي مما يؤدي إلى بشاعة كثيرة ويفسد الأوضاع الجسدية ويفضي إلى الحسر (ضعف البصر) وانحراف العمود الفقري الشائعين بين الفتيان والفتيات في خلا سن البلوغ.
وقصارى القول فقد أحدث القرن التاسع عشر تأثيراً في إصلاح الخيرات المادية والأدبية والعقلية في جميع طبقات المجتمع عامة وفي طبقات العملة خاصة فقلت قيمة ما أحدث وكلفت فوائده أهل الأجيال الحاضرة والمستقبلة كثيراً إذ لم يترك في الوجود غير كثير من المسائل الاجتماعية دون أن يحلها. وسيبقى الجهاد أبداً قائماً على ساق وقدم بين نصراء الطريقة القديمة والمجاهدين لتحقيق نياتهم في الارتقاء الحديث. بين رأس المال والعلم. بين حقوق المجموع وحقوق الأفراد.
ومن الأسف أنا لا نزال في دور التجارب وإنا لنتطال إلى بلوغ عقل الإنسان مرتبة الكمال وهذا لا يتأتى إلا بالإنفاق من سائر التركيب النامي الذي يضعف فيعمل على الدماغ فتختلف الاضطرابات باختلاف القوى العصبية والأشغال العقلية والجنس والسن. وإفراط الشبان في الأشغال العقلية مضافاً إلى الاستكثار من ضروب الشهوات في سن الرجولية هو الداعي عند بعضهم إلى استنزاف مادة القوى ونفوذها العقلي ويؤثر في بعضهم من الجهاد في الحياة ومن مختلف ضروب الأطماع في نيل المراتب والمناصب الاجتماعية ويكون سببها عند بعضهم بذل قوى الأفراد الطبيعية والأدبية بأضعاف التركيب النامي بالاضطرابات والهيجان من كل ضرب.
والحق يقال أن الإنسان قد تعلم بفضل ارتقاء الحضارة الحديثة طرق الوقاية من كثير من الأمراض بالعمل بالقوانين الفيسيولوجية أي بواسطة الأسباب الصحية في أعمال الحياة الخاصة والعامة. ولا يفوتنا أن تلك القواعد كانت في الأزمان الغابرة مجهولة فكان الضعفاء عرضة للهلاك بداعي قلة أسباب مدافعة العناصر العادية التي تتربص بهم الدوائر على حين فاز الأقوياء بما أرادوا من المنعة والوقاية وحيوا حياة طيبة عمروا فيها إلى أن تمتعوا بأولاد وبنين. هذا وقد توفرت اليوم دور الصحة للفقراء ومستشفيات السل والمصاح