للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأطفال. وإن المرء ليعجب أن يرى أموراً تثبت بأقل نظر بمجرد المناقشة فيها والخوض في الأحاديث خوضاً عادياً فالواجب العمل عَلَى ما يخالف هذا الدليل منذ الصغر بالجري عَلَى نظام عقلي حسن.

وأن حكم الطفل عَلَى الأشياء ليصحح خلال الحديث كلما خالف الواقع فمن خصائص عقله أن لا يمس الوقائع والحقيقة فالواجب إرجاعه إليها فكل فكر متلظ هو فكر متهور إذا وضع عَلَى محك النظر لا يلبث أن يكذب بالبحث والنقد فالواجب إذاً الرجوع أبداً إلى الحقائق ويجب أن لا يفوتنا الاحتراس من أن الأوهام في الأحكام تصدر في العادة من نقص في الأخلاق لا من ضعف القوة المنطقية فين عَلَى الأمور التي لا يحق لهم أن يبتوا فيها حكماً لا لأن العمل العقلي الذي يصدر به الحكم شيء الترتيب بل لقلة اهتمامهم وخفة أحلامهم ونقص في استقامة عقولهم. وعلاج ذلك أن يشعر الطفل بما في كل قضية مهما كانت من الأمور الجدية أبداً وهناك تدخل التربية العقلية كما ينتظر في التربية الأخلاقية.

والواجب أيضاً تربية قوة التعقل فإن بعض قضايانا ليست مستخرجة من التجربة مباشرة بل هي مستندة إلى آراء أُخذت من قضايا سابقة ففكر يولد لنا فكراً آخر ولنوسع في تأكيده وإثباته وما جودة الأحكام إلا أن يكون للمرء تسلسل في أفكاره لا يناقض أحدها الآخر بل أن يعضد أولها آخرها فيتألف منهما مجموع متماسك الأجزاء. أنا نستطيع أن نعود أولادنا عَلَى صحة الحكم وذلك بإشراكهم معنا في الحوار والمناقشة معلنين لهم نقص تصورهم بأن نعيد أفكارهم إلى الطريق السوي متى حادت عنه ولذلك ألف مناسبة للإشراف لي عقل الطفل في الحياة اليومية أو أثناء الدرس والتعليم.

وأنا إذا سما بنا النظر إلى ترقية التربية العقلية أكثر مما هي الآن في أطفالنا ليجب علينا أن نجعل في المدارس تمرينات خاصة لتربية القوة العقلية ودروساً في المنطق العملي. وليس في طريقة تعليمنا اليوم شيءٌ مما يشبه هذا فإنا لا نعلم التلاميذ المنطق إلا في أواخر سني الطلب وبعض القواعد المنطقية الصحيحة التي يدرسونها عَلَى هذه الصورة هي سطحية مبتذلة قليلة التطبيق على العمل ويكاد يكون نفعها في التربية الفعلية قليلاً جداً.

لا جرم أن المربين يستندون عَلَى تلقين العلوم المجردة للطفل لترقية القوة المنطقية في عقله ولكن في الرياضيات والهندسة صورة قاسية من تقوية العقل وهذه القسوة فيها تجعل