والشرف والعدل. إن من أبشع ضروب السفسطة ما يزعمه بعضهم من أن خيانة المرأة من أعظم الجنايات وينتفرون خيانة الرجل وربما عدوها من أنواع الظرف واللباقة عَلَى حين هما مشتركان في الجريمة وارتكاب المآثم والرياء. ولعلهم يرون أن المرأة مخلوق بلغ مبلغاً عظيماً من الطهر والعفاف وهما لها من الأمور الطبيعية السهلة وأن الرجل هو من هذه الوجهة محتقر مرذول لا سبيل إلى مطالبته بأن يسير عَلَى غير ما يسير عليه الخنازير أو العصافير. أو لعل بعضهم يقول بأن خيانة المرأة وهي تأتي إلى البيت الأبوي بولد ليس منه يشارك أهله في العطف والإرث ويسيء استعمال الحقوق الطبيعية التي هي لأهله الأصليين من دون الدخلاء لا تعد شيئاً ولكن الرجل الذي يضع أبنه في غير بيته هل هو أقل ظلماً لأسرته والمجتمع من تلك المرأة وهذه تحمل الطفل في أحشائها تسعة أشهر وترضعه وتربيه وتتعب به أما الوالد فيقضي حظه في ساعته ويذهب مختالاً. ولكن هذا الظلم في الحكم عَلَى الجنسين ليس إلا اعتقاداً عاطلاً قديماً ورثناه عن الأجداد الذين كانوا ينظرون إلى المرأة نظرهم إلى حيوان مفترس أو دابة ركوب وأنها خادمة الرجل وملكه ومتاعه نهبها في الحرب أو ابتاعها من السوق وبذلك كانت سرقتها خرقاً لحقه وجنايتها إهانة لعظمته وتمكينها من نفسها ضرباً من ضروب الاعتداء عَلَى حق غيرها وهي لا حق لها يعرف بتة.
نعم ليس ثمت أدبان فمن سار سيرة سيئة دنيئة مع امرأة لا يستطيع أن يكون عفيفاً مخلصاً عادلاً بقية حياته ومن أسخف ما يقولونه حتى كاد يسري مسرى المثل أن الشبيبة طور من أطوار الحياة لا بد من قضائه أي أنه يتسامح مع الشاب أن يأتي ما يأتي. وكم من رجال أُفسدوا بهذه الحكمة السخيفة ومن وجدانات يعبث بها كل يوم من تاثيراتها. فمن أفظع الأمراض التي يصاب بها الشباب مرض الزهري فقد أثبت الإحصاء أن واحداً من كل سبعة رجال يصاب به في فرنسا وواحداً من كل أربعة يصاب به من طلبة باريز فهذا الطاعون الجديد كما يسمونه يحمل معه أمراضاً كثيرة منها العقم والفالج العام والموت فكما أنه مرض عقام فهو معدي حتى من بعد خمسين سنة فإن أصيب به يحمله إلى غيره حتى بعد هذه المدة فقد ثبت أن الإصابات عَلَى هذه الصورة ليست نادرة بل أن ١٩ في المئة من النساء يصبن به من رجالهن وينقلنه إلى أولادهن وأن عشرين ألف طفل في سنة يولدون