الملوك عن غيرهم ومن تلك الصفات شجاعة الإمبراطور وأمانته وإصلاحه ويحكى عنه في صباه أن معلماً أراد أن يتقرب إليه في شبابه ليقربه الأمير أيام ملكه فدنا منه وأسرَّ إليه بأن الفحص سيكون في باب كذا من كتاب كذا. هذا ليجدَّ الأمير الصغير في التحصيل ويفوز على أقرانه في حلبة الامتحان ولكن شجاعة غليوم وإخلاصه عكستا آمال المعلم المتملق فإن الفتى صبر حتى جاء وقت الامتحان وتقدم بقدم ثابتة وجأش ساكن إلى لوحة الكتابة وكتب عليها يكون الامتحان في كذا كما أسرَّ إليَّ المعلم.
وكان روزفلت رئيس الولايات المتحدة في شبابه يحتقر أكثر المشتغلين معه في السياسة لعلمه بأنهم ثرثارون لا يؤثر عنهم عمل يذكروهم فئة تقول ما لا تفعل وتخاف التصريح بآرائها وأفكارها ولقد كتب في صباه كثيراً وكان أغلب ما كتبه في المسائل السياسية والحربية التي عرضت له في حياته وله بعض الكتب في التاريخ وفنون الصيد والرياضة البدنية وغيرها يصف فيها الحياة في غرب أميركا.
وكتب زهاء عشرين كتاباً في أقل من عشرين سنة. وقد ظهر أول كتاب من قلمه سنة ١٨٨٢ ثم كمنت قوته الأدبية ست سنوات وأخرج بعدها في سنة ١٨٨٨ رسالة كبيرة مزج فيها العلم بالسياسة وحلل فيها نظام الحكومة الجمهورية تحليلاً دقيقاً وباح بآراء مهمة جعلت له مركزاً سامياً بين أقرانه سيما وقد أفرغ في تلك الرسالة كل ما مر عليه من تجارب في ثماني سنين قضاها في وظائف الحكومة السامية ومن كتبه كتاب سير الأبطال وحياة الفكر والعمل وحياة أوليفر كرومويل وتاريخ نيويورك وقد جمعت وطبعت كلها في خمسة عشر مجلداً وله غير هذه الكتب مقالات كثيرة نشرت في المجلات الإنكليزية والأميركية.
وقد صرح روزفلت بجميع أفكاره الحرة في كتاب كبير اسمه منتهى الكمال ضمنه ما استطاع من الآراء السياسية والاجتماعية وحلَّ فيه كثيراً من المشكلات التي عرضت له في صباه وقد أظهر روزفلت بهذا الكتاب للملأ أنه هو الرجل الوحيد الذي يمكن لأمة كبيرة قوية أن تضع ثقتها فيه. ومن آرائه في هذا الكتاب أنه ليس المجرم الحقيقي هو الذي يسلب ويقتل ويكون هدفاً لسهام العقاب والقصاص إنما المجرم الحقيقي هو السياسي أو الصحافي الكبير الذي يثق به الناس وهو غادر منافق يسعى لمنفعته الخاصة والمجرم