الحقيقي هو الغني الكبير الذي يلعب بالعدل ويعبث بالقانون ليموت ويترك بعده القناطير المقنطرة من الذهب للورثة الفاسدين. إن المجرمين الحقيقيين هم أرباب المال الذين يظلمون العمال الفقراء حقوقهم ويشربون دماءهم ويبذلون كل مرتخص وغال في سبيل الذهب ويسيرون إلى الأمام ولو فوق الجثث البشرية. وهاك شذرة من قلم الرئيس روزفلت يصف بها أرباب الملايين في أميركا قال: ليس في العالم أقبح خلقاً وإغراقاً في الدناءة وقلة الشرف من أرباب الملايين الذين ليس لهم عمل ولا غرض في الحياة يسعون إليه سوى جمع المال وحبسه عن المحتاجين والفقراء. ومن الأسف أنهم يجمعون تلك الأموال الطائلة ويحرزون ألوف الألوف من الذهب ليستعملوها في أغراض وغايات دنيئة فإن أحدهم يلعب بالأسهم المالية والشركات ويملك في يده زمام المضاربات فيفقر قوماً ويغني آخرين لمحض لذته وسروره أو يهب ابنه الجاهل مقداراً عظيماً من المال فيعيش الولد عيشة الكسل والخمول والفساد والفجور ويندفع في طلب الملاذ السافلة ويجري وراء شهواته الدنيئة أو يشتري لابنته زوجاً شريفاً فقيراً يلقب (بلورد) أو (دوق) لتكون (ليدي) أو (دوقة) وفي بعض الأحيان يؤسس مدرسة أو يجري رزقاً على كنيسة فينسى الناس ذنوبه الكبيرة بتلك الحسنة الصغيرة ويغضون الطرف عن عيوبه ويغفرون له خطاياه ويحسبون أن هذا العمل الحقير الخيري الذي تم على يده يبرر أعماله السابقة واللاحقة بأسرها. هذا الرجل هو الذي لا يحفل بالعمال الذين يموتون من أجله ويقتلون أنفسهم في معامله ومناجمه وهو يسلب حقوقهم ويهددهم بالطرد إذا شكوا إليه بثهم وهمهم وكلما أمكنه نقص من أجورهم وزاد ساعات عملهم وإذا سألته الحكومة في ذلك هزأ بها وسخر منها ومن دستورها وقوانينها. هذا الرجل خطر دائم على الحكومة والأمة لأنه يرى بعينه الفساد ولا يمد يده للإصلاح ويسمع بأذنه أخبار الرشوة المنتشرة بين الحكام والقضاة ولا يحرك لسانه بكلمة تعود بالنفع على وطنه الذي ينتمي إليه والجمهورية التي تحميه بل يجلس ويضحك كأنه من الدنيا في ملعب ولا يحس بأنه فرد من هيئة حية نامية عن الواجب الذي عليه نحوها قبل نفسه هذا هو المثري الأميركي الذي يحترمه الناس ويبجلونه ويشيرون إليه بأطراف البنان ويثنون عليه قائلين أنه من أرباب المال والأعمال.
وإنك لترى في أميركا غير تلك العجول الذهبية وهم أكثر عدداً ولكنهم أقل خطراً وأعني