تباع في مقاطعة الرون وما إليها مثلاً فلو فرضنا أن ما يطبع من جرائد مرسيليا ومجلاتها يبلغ كل يوم مليوني نسخة لأصاب كل فرد في مقاطعتها جريدتان ونصف على أقل تعديل هذا عدا الجرائد الباريزية وغيرها التي ترد على مرسيليا وتباع في شوارعها بالألوف أيضاً.
ومن الأسف العظيم أننا لو أحصينا عدد ما يصدر من جميع الجرائد والمجلات العربية والتركية والفارسية في البلاد المصرية والعثمانية والإيرانية لا يبلغ بكميته قدر ما تطبع كل يوم جريدة البتي مارسيليه إحدى جرائد ولايات فرنسا. وعلى هذه النسبة قس ولا تخف درجة ارتقائنا وارتقاء الفرنسيس وسجل علينا بالفقر المدقع في كل شيء ولا سيما في الأمور العقلية.
ليون
٨
ماذا يصف القلم من مدينة الفرنسيس وكل فرع من فروعها المدهشة لو تعاورته الأقلام الكثيرة وتوفرت على البحث فيه العقول الكبيرة لما كانت إلا إلى جانب القصور. نعم لو جاء في عصرنا الرحالة ابن حوقل وشاهد مدينة فرنسا فقط لحوقل واسترجع وقال هذه حضارة ليس لنا في وصفها مطمع ولو أتى المسعودي بقلمه وعلمه لعجز عن الوصف والتسطير ولو جيء بابن بطوطة لآب من رحلته الطويلة لا يحسن إملاء ما رأى وسمع ولو قام ابن جبير لاعترف بقصور ذرعه وعدم نفاذ طبعه وقال إن هذا إلا حلم وخيال ونحن لا نسجل في رحلتنا إلا ما تقع علينا أبصارنا ويترامى إلى آذاننا وتمسه أيدينا.
وبعد فماذا يصف القلم في ليون أجمالها الطبيعي أم الصناعي. معاملها الحريرية أم مدارسها وكليتها أم انتظام شوارعها ودورها وقصورها وحدائقها أم غناها ومتاحفها وعادياتها وكنائسها ومصانعها ومعارفها ومكاتبها ومخازنها وحوانيتها وتماثيلها وأنصابها وخطوطها الحديدية والكهربائية وجسورها الحديدية والحجرية وأرصفتها البديعة وساحاتها وحدائقها ونهريها العظيمين الرون والسون اللذين يقطعانها شطرين ويزيدان في بهجتها ما تقر به العين.
ماذا نذكر من ليون ثاني مدينة في فرنسا وقد شبهوها بموسكو الروسية في كونها عاصمة