للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عبر عن شيء مثل من لم يعبر عنه.

الأعور التيمي:

لسان الفتى ونصف فؤَداه ... فلم يبقِ إلا صورة اللحم والدم

وقال آخر:

إن الكلام لفي الفؤاد وأنما ... جعل اللسان على الفؤاد دليلا

الطائي:

ومما كانت الحكماء قالت ... لسان المرء من خدم الفؤاد

للخط صورة معروفة. وحلية موصوفة وفضيلة بارعة. ليست لهذه الأوصاف لأنه ينوب عنها في الإيضاح عند المشهد ويفضلها في المغيب وكفى بفضيلة العلم والخط قول الله عز وجل الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم وأقسم به كما أقسم بغيره ثم أقسم بما يكتبه القلم إفصاحاً عن حاله وإعظاماً لشأنه وتنبيهاً لذكره فقال: وما يسطرون. ومن فضيلة الخط أنه لسان اليد ورسول الضمير ودليل الإرادة. والناطق عن الخواطر. وسفير العقول ووحي الفكر. وسلاح المعرفة. ومحادثة الأخلاء على التنائي. وأنس الأخوان عند الفرقة. ومستودع الأسرار. وديوان الأمور. وترجمان القلوب. والمعبر عن النفوس. والمخبر عن الخواطر. ومورث الآخر مكارم الأول والناقل إليه مآثر الماضي والمخلد له حكمته وعلمه والمسامر للعين بسر القلب. والمخاطب عن الناصت. والمجادل عن الساكت. والمفصح عن الأبكم والمتكلم عن الأخرس الذي تشهد له آثاره بفضائله وأخباره بمناقبه وقد وقعت البلاغة من العلم علو القدر وباذخ العز كأبي مسلم صاحب الدولة فرقت شمله وبددت جمعه ونقضت برمه وأفسدت صلاحه وضعضعت بنيانه مع ذكائه وتفطنه ومكايده ودهائه وأصالة رأيه وشدة شكيمته وامتناعه على أبي جعفر ونفاره عنه كيف استفزه ابن المقفع وصالح بن عبد القدوس وجبل بن زيد واستمالوه بسحر ألفاظهم وبلاغة أقلامهم حتى نزل من باذخ عزه وجاء مبادراً حتى وقع في الشرك المنصوب له فتفرق جمعه وانطفأ نوره وصار خبراً سائراً وأثراً ورفع القلم خاشع الطرف صغير الخطر لئيم الجنس من ناظريه حتى شافهت بع عنان السماء ورفعت بناءه فوق البناء حتى طلبه الراكب وقصده الطالب وخشعت له الرجال. ولحظته العيون بالوقار. وتمكن من الصنائع ومدت نحوه الأصابع.