على من شك في هذا إلا أن يذكر أن رائحة الزهور البلسمية تنعش منا الجسد وتحفنا بالصحة والبهجة. وتوسع كوهزن فذكر أمثلة كثيرة من رجال أوشكوا أن يقضوا نحبهم فأعيدوا إلى الحياة بما نفخ فيهم حاشيتهم من روحهم. وأورد بوريللي الفسيولوجي الطلياني المتوفى سنة ١٦٧٩ وتاكيوس وغيرهم أسماء من أشرفوا على الموت وردت إليهم قواهم بما نفخ أصحابهم الصحاح الأجسام في أفواههم. وكذلك الشأن في استنشاق عرق الفتاة.
قال كوهزن حدث أن فتى تزوج بعجوزة فعاد إليها شبابها ورجعت إليها قوتها وصحتها على حين كان زوجها يذبل كل يوم كالزهرة ويقترب من الشيخوخة فتراً وشبراً. وهكذا بلغ كورجياس دي ليونتيوم المائة والثماني سنين واناف ايزوكراتس الفيلسوف الآثيني على المائة سنة. دع عنك الفيلسوف زينون وتيوفراست وغيرهما ممن أعجب معاصروهم بقوتهم ونضرة وجوههم وقد نسب لويز كورنارو الطبيب البندقي المشهور جودة صحته في شيخوخته إلى بطانته بيد أن الباحثين لم يهتدوا إلى ضرر أنفاس الناس شباباً كان أصحابها أو شيباً إلا بعد أن ثبت ذلك لطبيبين نطاسيين سنة ١٨٨٧ وأكدا أن الأنفاس سم ناقع وأن هناك طرقاً ثانية لعود الصحة الذاهبة والنشاط الضائع.
ولقد كان لأطباء اليهود والرومانيين كافة طرق خاصة لإطالة الأعمار وكانت أدويتهم في هذا الشأن تختلف باختلاف الزمان والمكان كأن يحتوي بعضها على دهن الأسد وجلد الحرباء ودم الأطفال والبالغين ولكن هذه الأدوية لم يكن لها عمل في الأجسام غير إلقاء الحرارة فيها وبقي العمل بهذه الأدوية إلى القرن السابع عشر والثامن عشر أيام أخذ الطب والعلم يرتقيان وانقلب الطب ظهراً لبطن ولم يعد يقبل النسبة بين ماضيه وحاضره.
وهناك أنواع كثيرة من المقويات والمنعشات وتكثير الحياة الذي كان يستعمله القدماء كالا كير الذي استعمله أحد أطباء السويد وبلغ به المائة والسبع سنين من عمره فأعتقد بنفعه كثيرون. والوسواس والإغراء ينفعان في مثل هذه الأحوال ولطالما أعانا أصحابهما على ما يريدون.
نشر الكتاب في الغرب منذ تسعة قرون كتباً ورسائل في معنى إطالة الحياة وعددوا من انتفع بمقوياتهم ووصفاتهم من كبار الرجال ولم يعرف اليوم كيفية تحضير تلك المقويات وبقيت أخبار معظمهما مجردة لا مستند لها.