ولقد مضى على تأصل هذه الأوهام عشرون قرناً ولا يزال إلى يوم الناس هذا من يعتقد بأن العود إلى الشباب ميسور وأن لتلك الأدوية أثراً في النفع وما برحت أندية العلم تشتغل وتبحث وكل سنة نسمع باختراع جديد لطول الحياة قد ينجع بعضها بعض الشيء وقد تكون فائدتها أقصر من عمر الكرام. وما ننس لا ننس تجارب المجمع العلمي في لندن واللائحة التي تلاها الدكتور فبير وأعمال الأستاذ متشنكوف التي نشرها مؤخراً وأعمال كثير من الفسيولوجيين والأطباء والبيولوجيين وكلها ترمي إلى إلغاء الشيخوخة من سجل الوجود. وقد نشر منذ حين أستاذان من شيكاغو بحثاً ادعيا فيه أنهما يعيدان الشباب بالحقن بمصل عجلة ولم يثق الناس بأقوالهما.
وهنا نغفل الأسباب التي تنهك صحة الشباب وتسارع بالهرم إلى الجسم ويقف على الذرائع التي تنتج النتائج السيئة فنقول: حاول كثير من علماء منافع الأعضاء أن يعينوا المقدار الضروري من الغذاء للإنسان في أدوار حياته واختلفت مناحيهم في ذلك إلا أن معظمهم في الغالب قد قدروا ما يلزمه زيادة عن الحاجة. ومن رأي التواتير أنه يكفي البالغ أن يتناول كل يوم ١٢٣ غراماً من الزلال (البومين) و١٢٥ من الدهن و٤٠٠ من الهدروكربون (المواد التي تولد الحرارة). وقال رايك أنه يكفيه ١٠٠ و١٠٠ و٢٤٠. وقال مولشخوت ١٣٠ و٤٠ و٣٤٠. وقال فوستر ٦٣١ و٦٨ و٤٩٤. وقال ارمند غوتيه أنه يكفيه ١٠٠ غرام من الزلال مضافة إلى ٦٥ من الدهن و٤١٠ غرامات من الهدروكربون.
واللحم يحتوي على ٢٠ في المائة من الزلال فيكفي الإنسان أقل من رطل (مصري) من اللحم في اليوم لإيجاد الزلال اللازم ولا ينبغي أن يستعمل مع اللحم شيء آخر من المغذيات كالبيض والجبن وغيرهما. وأنت ترى فيما تقدم غلواً وإسرافاً. وفي الأبحاث الأخيرة أنه لا يكفي الجسم ٤٠ غراماً من الزلال. وقال غيرهم من أكابر الأطباء المعاصرين أن ٥ إلى ٧ غرامات من الآزوت وهي توجد في ٣٠ إلى ٤٥ غراماً من الزلال تحفظ قوام الصحة وتقوم بحاجة أقوى الأجسام وهذه الكمية تتيسر بتناول بعض الأغذية النباتية وقد جرب أحد الأطباء فتناول كمية من الآزوت من ٦ إلى ٧ فكان من ذلك أن تحسنت صحته كثيراً وشفي من داء المفاصل الذي كان أصيب به منذ سنين كما ثبت نفع ذلك لغيره من أصدقائه بالفعل. وخفف ثمانية من طلبة كلية يال الجامعة في أميركا