للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

نظرة في إصلاحهم

٦

ذكرنا أن المشيخة الإسلامية عبارة عن الفتيا والفتيا والقضاء من حقوق الخلافة والإمامة الكبرى وأن المفتي يخبر عن الحكم الشرعي والقاضي يلزم به عَلَى أن كل عالم يستطيع أن يفتي بما يفتي به المفتي لأن الفتوى لا تتضمن الحكم والإلزام ولا يجوز لعالم ولا لمفتٍ أن يحكم بما حكم به القاضي مع أن للقاضي أن يفتي ويستخلف أمناء ونواباً ولم أر حتى الآن عبارة أو قولاً لفقيه يشاربه إلى استخلاف المفتي نواباً أو إلى تداخله في تعيين النواب لأنهم نواب القاضي لا نواب المفتي وأمر الاستخلاف يتوقف عَلَى إذن الخليفة.

ذكرنا أن مجلس انتخاب الحكام ينتخب النواب وشيخ الإسلام أو مفتي الأنام يأمر بتوظيفهم وقضاة العسكر يوقعون على مراسلاتهم ليكونوا نواباً لهم توفيقاً للأحكام الشرعية ومن ذلك يظهر أن القاضي هو الذي يستخلف النواب وقد عجبت لحصر القضاة في قضاة العسكر وإبقاء هذا التعبير لأن هؤلاء القضاة هم في الحقيقة قضاة عامة المسلمين والأمة ليست بأمة مسلحة عَلَى أننا لو نظرنا إلى التواريخ علمنا أنه كان في كل مركز ولاية قاض وفي أعظم مراكز الألوية قضاة وأنه كان في المدن الإسلامية الكبرى قضاة لكل مذهب ولذلك أرى أن يكون في مركز كل ولاية وفي مركز بعض الألوية المهمة قاضٍ وأن يكون شيخ الإسلام قاضي القضاة يرجع إليه جميع القضاة وأن يكون للقضاة حق استخلاف النواب بإذن من الخليفة فيصبح أمر تعيين النواب بيد قضاة الولايات فيتخلص هؤلاء من العناء والذهاب إلى الأستانة ولا مانع من جعل مدة النواب أربع سنوات لأن ذلك أمر اجتهادي ثم يجب أن يؤلف مجلس من فحول علماء المسلمين تحت رئاسة قاضي القضاة ينتخبون القضاة من بينهم فيصدق عَلَى انتخابهم قاضي القضاة ويعرضهم عَلَى الخليفة لتصدر إرادته بتعيينهم وينتخب لمنصب قاضي القضاة ثلاثة علماء من هذا المجلس أو من غيرهم بأكثرية الآراء والخليفة يختار واحداً منهم يجعله قاضي القضاة.

وأهم ما يجب إصلاحه مكتب النواب والرأي توحيده مع شعبة العلوم الدينية في دار الفنون العثمانية وإصلاح الدروس وتعيين أفاضل المعلمين ليخرج فيه نواب أفاضل ومفتون ومدرسون عالمون ويكون هذا المكتب أعلى قسم لمكتب استعدادي ينشأ في دمشق ويكون