وإذا لامك لائم على شيء لم تفعله فقل أنهُ (يتذقح) لي أي ينسب إلي ذنباً لم أفعله ومثله (يتجرَّم) وكلاهما عَلَى وزن يتكلم ومثلهما يتجنى فلان عَلَى فلان.
وإذا وقح الرجل وقل حياؤه فلم يعد يبالي ذمهُ الناس أو مدحوه. رضوا عنهُ أو سخطوا عليه. فذهب في ارتكاب المآتم واجتراح السيئات كل مذهب ماذا تسميه؟
يسمونه (مستولغ) وفسروها بأنه الرجل لا يبالي ذماً ولا عاراً. وهناك تعبير آخر يفيد هذا المعنى. وهو قولهم أن فلاناً (يلحم الناس عرضه) أي يمكنهم من عرضه بما يفعله من المقاذر والمخازي فيقعون فيه ويطعنون عليه. فكأنه بذلك جعل عرضه لحماً أطعمهم إياه. وأكل لحم الغير كناية عن اغتيابه والنيل من عرضه. ومنه قوله تعالى (أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً). وإذا مهدت لك أسباباً حملتك بها على سب فلان وشتمه كنت قد ألحمتك عرضه. وورد (إن الله يبغض البيت اللحم) بكسر الحاءِ على وزن كتف. وفسروه بالبيت الذي تؤكل فيه لحوم الناس بغيبتهم والاستطالة في أعراضهم. وكان للوليد بن عبد الملك ولد يقال له العباس. ولم يكن في أطواره وأخلاقه كشبان بني مروان بل كان امرأَ صدق يتشبه بعمر بن عبد العزيز فقال يخاطب قومه ويحثهم عَلَى الاتحاد والإقلاع عن الفجور ومخالفة الدين.
ان البربة قد ملت سياستكم ... فاستمسكوا بعمود الدين وارتدعوا
لاتلحمن ذئاب الناس عرضكمو ... إِن الذئاب إذا ما أُلحمت رتعوا
فقوله (لا تلحمن) بضم التاءِ وكسر الحاء وتشديد الميم المضمومة خطاب للجميع وقد حذفت واوه لاتصالها بنون التوكيد. أي أن الناس كالذئاب فإذا مكنتموهم من الوقيعة فيكم لا يقصرون كما الذئاب إذا رأوا فريسة أغروا بها ونهشوا منها.
ومن الناس من يقابل الآخرين بذكر ما يؤلمهم ذكره. ويصف من أحوالهم ما يحملهم به عَلَى كره الحياة بل كراهة أنفسهم. فهذا الرجل الذي يفعل بالناس كذلك يسمى (أَجوم) عَلَى وزن جسور ويقال أنه يؤجم الناس ـ بتشديد الجيم ـ أي يكره إليهم أنفسهم. وهو مشتق من أجم الطعام وغيره إذا كرهه ومله.
وقد قام في زماننا قوم ينقصون العرب. ويصغرون من شأنهم وآخرون يفعلون كذلك