بالمسلمين فماذا تسمي الأولين؟ وماذا تسمي الآخرين؟ الأَولون يسمون (شعوبية٩ والواحد منهم (شعوبي) وقالوا في تفسير الشعوبية أنهم الذين يحتقرون العرب.
والآخرون يسمون (دققة) ـ بفتح القافين ـ وقالوا أنهم الذين يظهرون عيوب المسلمين.
أما (دققة) فطاهر أنه مشتق من دقق نظره في الشيء إذا تأمل فيه. وبحث في ما خفي عليه من أمره. ومن يكره المسلمين يفعل ذلك وينقب عن مساويهم ليشهر بها ويشنع عليها.
وأما الأولون مبغضو العرب فلماذا سموا (شعوبية)؟
سموا بذلك نسبة إلى الشعوب جمع شعب بفتح الشين وهو الجماعة الكبيرة من الناس غير العرب. أما الجماعة الكبيرة من العرب فتسمى قبيلة كما أن الجماعة الكبيرة من بني إسرائيل تسمى سبط. فالقبائل للعرب. والأسباط لليهود. والشعوب لغير هؤلاء وأولئك. ومنه قوله تعالى في صدد الامتنان عَلَى البشر (وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا). وكتب المعتمد بن عباد أحد ملوك الأندلس إلى يوسف بن تاشفين ملك المغرب يستنجده عَلَى الاسبانيول ـ (فأنا نحن العرب في هذه الأندلس قد تلفت قبائلنا. وتفرق جمعنا. وتغيرت أنسابنا. فصرنا فيها شعوباً لا قبائل. وأشتاتاً لا قرابة ولا عشائر) الخ. فانظر كيف قال أنهم تلفت قبائلهم فلم يعودوا قبائل وإنما أصبحوا شعوباً أي جماعات أعجمية. وذلك بسبب فقدهم مزايا العرب وكريم خصالهم التي منها النجدة والنعرة في حماية الذمار. والدفاع عن الجار.
أما الكتاب اليوم فقلما يفرقون بين (الشعوب) و (القبائل) وإنما يستعملونها في مطلق الجماعات من أي جنس كانوا.
ولما كانت شعوب الأعاجم تحط من قدر قبائل العرب عادة سمي كل من يحتقر أمر العرب (شعوبي).