رجل اجتمعوا في سهل بنارس يقيمون الحجة عَلَى الرسوم التي تريد وضعها على البيوت وعزموا أن يهلكوا جوعاً أو تجيبهم الحكومة إلى إلغاء هذه الرسوم فأجابتهم مكرهة مخافة أن يحدث وباءٌ فإذا عادت روح الاعتصاب وسرت في أعصاب مائتي مليون رجل لمقاومة سياسة التعليم ماذا تعمل بريطانيا؟
ولم تر انكلترا اسلم لها من تلقين الهنود مبادئها بالتدريج على أن تعلمهم ما تعلمه أبناءها في عاصمة الجزائر البريطانية وتشربهم حب الانكليزية عَلَى شرط أن لا يحيدوا عن جادة الإخلاص لها ولا يسيئوا استعمال المفتاح الذي تسلمهم إياه ويستخدمونه لفتح الباب في إيذائها والمسألة لا تخلو من إشكال أيضاً فيما يتعلق بأهل الطبقة العالية من المسلمين فقد جاء في أحد التقارير عن الهند ما نصه: إنا إذا صرفنا النظر عن الأسباب الاجتماعية والتاريخية في الشعب الإسلامي في الهند نرى لانحطاطهم أسباباً ذات شأن لها علاقة بتربيتهم التي تؤثر في حياتهم فتعليم الجامع يجب عندهم أن يكون سابقاً دروس المدرسة ولا يتيسر أخذ الطفل من المسلمين إلا بعد أن يقضي بضع سنين في مدرسة يتعلم فيها اللغة العربية والفقه الإسلامي ولكن تعليم المدرسة الدينية يقوده إلى أن يختار الخدم الدينية مؤثراً لها عَلَى أربح المسالك والأعمال. وقد أيدت التجارب هذه الملاحظة إذ حدث أن حب الوظائف العامة قد أثر قليلاً في المسلمين في الهند وظلوا يقاومون التعليم الانكليزي كل المقاومة ولحسن طالعهم لم تعن الحكومة الانكليزية بأن تجعل المسلمين أوربيين كما حرصت عَلَى جعل الهنود كذلك ورأت انكلترا أن تنقذ الطبقة العالية من الهنود من الأوهام القديمة لتستخدم منهم أناساً في الإدارة والقضاء والمالية وقد رأَى اللورد ماكولى سنة ١٨٣٥ على ما فيه من العقل الذي أثر تأثيراً سيئاً في الهند أن من الواجب تعليم اللغة الانكليزية في مدرسة شبان الهنود من أرباب الطبقات المختلفة لترشيح الانكليزية من الأعلى إلى الأدنى وكان يقصد من ذلك أن يأخذ ما يلزم للبلاد من الموظفين من أهل البلاد أنفسهم.
وفي سنة ١٨٥٤ أنشأت انكلترا ديوان المعارف العمومية فعنيت بإدخال اللغة (الانكليزية) إلى مدارس بنغال وبنارس ونظمت مدارس الوطنيين مع محافظتها لها عَلَى صفاتها الخاصة وفي سنة ١٨٥٧ أثمرت البذرة التي وضعها لورد ماكولي في تربة الهند فأسست