ثلاث كليات في كلكوتا وبومباي ومدارس عَلَى مثال الكليات الانكليزية فيها أنواع الراحة والرفاهية وتدرس فيها الدروس التقليدية وأنشئت في حاضرة كل مقاطعة مدرسة عالية وفي المدن الصغرى مدارس وسطى ثم أُنشئت كليات لاهور لإقليم بنجاب والله آباد لإقليم الشمال الغربي وساغ للمتخرجين من تلك الكليات أن يتدرجوا في المراتب مثل من تخرجوا من كليتي أكسفورد وكمبردج.
فتخرج من تلك الكليات أناس من أرباب الذوق والأدباء والمشرعون وقل في المتخرجين العلماء إذ لاحظ السير هنري مين أن عقل الهندي المستعد لقبول ما حلا وطاب من المعارف هو محروم مما يتصور من قياس مدقق الحقيقة فالهندي يجيد التكلم والكتابة والتفكير الدقيق ولكنه متوسط الاستعداد للحساب والأرقام وأصبحت الحكومة تبعث إلى لندرا بأرقى طبقة من متخرجي كليات الهند ليكونوا نموذجاً عَلَى اشتغالها وراموزاً لمن طبعتهم بطابعها فكانت تكرم وفادتهم في لندرا ولم تعقهم ألوانهم السمراء وتناسب أعضائهم وعيونهم التي تقدح شرراً وقاماتهم القصيرة وحركاتهم المتناسقة وأمزجتهم الشديدة عن أن يستميلوا قلوب الناس إليهم ونالوا من الكرم البريطاني أنواع الرعاية والعناية وفتح الانكليز لهم أبواب دورهم الأنيقة الشريفة كأن كل فرد منهم كان أميراً خطيراً وراجا كبيراً فأخذوا بما شاهدوا وتكلنزوا عَلَى أجمل أسلوب وعاشوا عيش الوطنيين الانكليز وقدروا حق قدره كل ما في الوطنية من الاحترام والأمن والشرف والاستقلال العالي.
فكانوا يتعاشرون ويتسامرون ويتعارفون في المجالس إلى من يخطبهن من الآنسات الفتانات الشقر البيض ويلعبون معهن أنواع الألعاب المألوفة والرياضات الانكليزية النافعة وكانوا في جميع أحوالهم مثال الظرف في ألبستهم والترتيب في قبعاتهم حتى إذا أتموا دور التمرين التي كان كل يوم منها ابتسامة للمستقبل وتشبعوا بهواء الغرب وتبطنوا أسرار فلسفة هربرت سبنسر وشوبانهور ونيتش وخفقت أفئدتهم بما علمت وتلبس شعورهم بالبدائع وحشيت عقولهم بخطب مجلس النواب الانكليزي - يركبون البحر عائدين إلى بلادهم بلاد الشمس والحرية يحملون أجمل ذكرى مما رأَوه وفي صناديقهم وأصونتهم الأوراق المطيبة والزهرات الذابلة وقطع من الشريط وبعض الفساطين يؤُبون والكبر آخذ منهم ويعود محيطهم البرهمي يتحيفهم ويرجعون إلى سابق أوهامهم وأحقادهم عَلَى الإدارة