للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

التي هي وقف خلفه لنا أسلافنا بتجاربهم وسموا ذلك العقل ثم تخريجه ثانياً في أن يكون مخصياً متفرداً في علم واحد يكون فيه عَلَى بصيرة عَلَى نحو ما يتطلب ذلك العلم الحاضر والمجتمع الحديث ثم ينشأ ثالثاً ممن دخل في هذين الطورين في التربية فيلسوف يدرك قيم الأمور ويعرف الصلات المتبادلة فيما ينصرف إليه العالمون عَلَى اختلاف معارفهم ويبحث في أن يوفق توفيقاً حسناً بين الحياة الخاصة والحياة العامة. وكل هذا لا يفهم مغزاه شرقنا التعس الآن.

تآخي الغربيين

١٦

كل فكر ومذهب في الوجود نتيجة الدعوة إليه وتحبيبه إلى النفوس. عرف الغربيون هذه القاعدة فجروا عليها كثير من أعمالهم وكان من ثمرات الدعوات السياسية والدينية تأليف الوحدة السويسرية والألمانية والأميركية وتوحيد كلمة الجزائر البريطانية وانتشار المذاهب الاجتماعية والاشتراكية والفوضوية وكثرة من يدينون بالمذاهب البرتستانتية والفلسفية وقد قام في فرنسا جماعة ممن يفكرون لخيرها رأوا أن بلادهم تنتفع كثيراً من تحسين صلاتها مع أميركا فألفوا جمعية دعوها (جمعية فرنسا أميركا) مؤلفة من علماء وسياسيين وقواد واجتماعيين ومعلمين وفي رأسها المسيو جبرائيل هانوتو أحد أعضاء المجمع العلمي وصاحب التأليف الكثيرة في التاريخ والسياسة ووزير خارجية فرنسا الأسبق وقد انشأوا لبث هذه الدعوة مجلة شهرية باسم جمعيتهم تدعو إلى هذا الغرض استفتحها رئيس الجمعية بمقالة في الغرض الذي يرمون إليه وكتب في المجلة الأسبوعية مقالة طويلة الذيل في هذا الشأن فرأيت أن الخص للمشارقة لباب هاتين المقالتين دلالة عَلَى ما يأتيه المغاربة من الأعمال النافعة لمستقبلهم لننعى على أنفسنا نومنا عن النظر في مستقبلنا.

قال هانوتو: إن النجاح معقود بناصية من يعمل في الوقت اللازم ولو وجهنا وجهتنا منذ سنة ١٨٦٠ إلى أميركا الشمالية والجنوبية لما احتجنا اليوم إلى دعوة أمتنا لتعريفها بما نعرفها به. هبت علينا الزعازع السياسية والاقتصادية منذ ذاك الحين وإذ سكنت الآن وجب علينا أن نعمل عملاً يحمل في مطاويه أحسن الفوائد.

تبدلت الأرض غير الأرض في خمسين سنة حتى صح أن نقول إن قارتي آسيا وافريقية