منزلتنا الأولى أو أن نغتنم الوقت الضائع فالمسألة ليست متعذرة ولكن تقتضي لها الإرادة والتفكر والعمل على طريقة منظمة والعودة إلى تقاليدنا والانتفاع من أسبابنا.
أما الولايات المتحدة بما لها من المركز الذي أحاط بطرفي البحرين المحيطين فهي المهيمنة عَلَى أعمال العالم فإن عدلت الحالة بين اليابان وروسيا فلا يبعد أن يجيءَ زمن تتداخل فيه في السياسة الأوربية وأن الفرنسويين في كندا ليبلغون مليونين ونصفاً ومثل هذا العدد من الفرنسيس منتشر في جمهورية الولايات المتحدة ولا سيما في الجنوب واللغة الفرنسوية في كويان وجزائر الانتيل يصبح عدد الفرنسيس ومن يتكلمون باللغة الفرنسية من الأميركان ليس بقليل.
وان مالنا من الأيادي في أميركا ولا سيما وقد قرن فيها اسم لافابيت الفرنسوي باسم واشنطون الأميركي اللذين ساعدا على استقلال الولايات المتحدة وما وضعناه فيها من أموالنا وقمنا به في جمهوريات الجنوب من البعثات العلمية والعسكرية والمشاريع الاقتصادية والمالية كل ذلك يدعونا بلسان الحال إلى أن نصل الحاضر بالغابر وإن لم تكن سلسلة الصلات قد قطعت كل القطع.
والناس مهما تقلبت بهم الحال لا يزالون يذكرون لفرنسا بيض أياديها عَلَى المدنية وإذا نسوها فإنهم لا ينسون باريز التي تنشر أنوارها على العالم وإليها يحج الألوف من الأميركيين كل سنة للتنزه والارتياض والاستفادة وكلما كثرت الرفاهية في ديارهم تدعوهم الدواعي إلى نزول باريز وما في أراضي فرنسا من المصايف والضواحي كالشاطئ اللازوردي (كوت دازور) فإن مجموع الأميركيين الذين يختلفون كل سنة إلى ديارنا لا يقلون عن مليون سائح. فعقد الصلات بين فرنسا وأميركا فيها كل ما نحتاجه من الأسباب القوية فإن كانت أميركا الشمالية تدعونا إليها بما فيها من القوة والعظمة فأميركا الجنوبية تناينا إليها القرابة لأن عناصرها لاتينية وتربتها لاتينية فمن كندا إلى مضيق ماجللان مارين بالمكسيك والجمهوريات الوسطى ترى الدم اللاتيني ممزوجاً في شرايين العناصر الجديدة وعلى أميركا الجنوبية يصح إطلاق المثل القائل (هذا دم لاماء).
ومثل هذه الجمعيات نفعتنا في القارات والأقطار الأخرى فقد كانت جمعية (افريقية الفرنسوية) أعظم معاون للحكومة في أعمالها الاستعمارية وجمعية (آسيا الفرنسوية) أخذت