للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان النقد الأدبي أول ما يعنى به فلم يكن للعلوم مقام في تعليم محدود بهذا القدر بل أنها أصبحت مجهولة في الأديار مهملة في الكليات وتابعة للفلسفة السكولاستيكية ولما غدا النظر في الطبيعة لا يعد سحراً أمسى العمل يوصم بوصفة الكفر ولكن النقد الأدبي ظل هو العلم ولم يقدر هذا إلا في أواخر القرن الثامن عشر أن يكون له كيان أمام ما كان يعتقد أنه علم وليس هو منه في شيء.

وتكلم عَلَى التعليم في فرنسا وقسمه إلى ابتدائي ووسط وعالٍ وقال إن تعليم اللغة الفرنسية المقام العالي لأنه من البين أن أصل كل تهذيب يجب أن توضع معرفة لغة الإنسان في المقدمة معرفة حقيقية وقال إن العلوم الأدبية في درجات التعليم الثلاث هي موضوع الاهتمام والعناية ودارسوها أكثر من دراسي العلوم مع أن حضارة هذا القرن تقضي بأن تكون العلوم قبل كل شيء هي المعول على دراستها. فالأدب عند الفرنسيس هو الملجأُ المضمون لكل فرنسوي هو ملجأُ الأطباءِ الذين لازُبن لهم والمصورين الذين يئسوا من الكسب والضباط الذين عزفت نفوسهم من خدمة الجيش بل وكل من خانتهم قواهم ولم يجدوا لهم عملاً.

الأخلاق الحربية

قوة كل أمة بقوة أفرادها وجنديتها مناطة بقوة عضلات من تتألف منهم أكثر من كثرة عددهم فالجيش الألماني غلب الجيش الفرنسوي في حرب سنة السبعين بقوة أفراده وتنظيم كتائبه وأسباب راحته مع أن فرنسا كانت إذ ذاك تخرج من الجند عدداً أكبر والسر في تغلب الجيش الياباني عَلَى الجيش الروسي هو أنه مؤَلف من جند مختارين فيابان وهي أربعون مليوناً لم تخرج سوى ثلاث عشرة فرقة من أبنائها لحمل السلاح في حين أن تسعاً وثلاثين مليوناً من الفرنسيون يختارون لحمل السلاح من ٤٢ إلى ٤٥ فرقة أي ثلاثة أضعاف ما تخرج اليابان هذا مع أن الصناعات تكثر في يابان كثرة زائدة ومعلوم انحطاط قوى الصناع عن الزراع فيما يتعلق بالشؤون الحربية. وقد انحطت قوى الجند الفرنسوي اليوم عن مثلها منذ خمسين سنة كما يرى ذلك الضباط عياناً عند ما يقضي عَلَى الجند أن يعلموهم ويشغلوا أذهانهم كما يشغلوا عضلاتهم فليس الاستعداد العسكري هو الذي يرغب فيه بل تربية الجنس تربية طبيعية.