فنادت الأم أولادها قائلة ذهبت (الحاجة) وسوف تمكث عند الجيران أكثر من ساعة إذ أننا نعرفها تكثر الحديث وتحسن الأقاصيص فلنغتنم فرصة غيابها أيها الأولاد ولننزل إلى المطبخ ونشاهد ما فيه من الأواني والأدوات المختلفة. أظنكم أيها الصغار لا تعرفون أنواع المعادن. وأن في المطبخ من المعادن مجموعة نفيسة: هلموا معي إليها ـ فتراكض الأولاد وراء أمهم مسرعين.
آه ما أحسن تصفيف هذه الأواني وما أشد ما اعتنت الحاجة بتنظيفها. شكراً لك أيتها العجوز.
انظروا هذه المقالي والقدور الصغيرة فهي من النحاس. والنحاس معدن نافع جداً يستخرج من جوف الأرض والذي يصنع منه الأواني يسمى نحاساً. وهذا النحاس يتوصل إلى صنع القدور النحاسيةِ بوضعها على السندان وضربها بالمطرقة الضخمة ثم التفتت إلى ابنها الصغير (وهبي) وقالت هل تعرف يا وهبي ما هو السندان وما هي المطرقة؟ قال نعم يا أماه كنت أريتنيهما في حانوت الحداد القريب من دارنا.
انظروا هذه القدر التي وضعتها (الحاجة) في ناحية بعيدة عن سائر القدور.
أتعرف السبب في ترك استعمالها؟
كلا يا أماه!
ألستم ترونها كامدة اللون؟
بلى يا أماه.
احترزوا أيها الأولاد من أن تضعوا شيئاً من هذه المادة الخضراء في أفواهكم: هذه البقع يسمونها (الزنجار) وهو أحد السموم القتالة لننظر الآن في القدور الأخرى النظيفة التي نطبخ فيها.
داخلها لامع نظيف. وهو مغطى بطبقة رقيقة من معدن أبيض وهذا المعدن يسمى (قصديراً) وليس القصدير كالنحاس في تولد سم الزنجار عليه ولذلك يطلعون به النحاس إذا طليا النحاس بطبقة رقيقة من القصدير قيل أنه (مبيض) أما إذا مزجنا النحاس والقصدير معاً بعد صهرهم كان لنا منهما معدن يسمى (برنزاً). والفتت إلى ابنها (حسني) وسألته هل