تعرف معنى الصهر؟ قال لا. قالت الصهر تذويب المعادن وجعلها بحالة السيلان. ثم قالت لهم هو ذا شمعدان من معدن البرونز. والجرس الصغير المعلق على باب الدار يعلن مجيء القادمين من وقت إلى آخر هو من البرنز وأجراس الكنائس التي تسمعون أَصواتها متخذة من البرنز أيضاً. وكانوا قديماً يصنعون المدافع من البرنز وبقوا عَلَى ذلك زمناً.
وكان الشر في أول أمرهم يستخدمون شظايا الأحجار (أي قطع) في ضروب مرافقهم فكانوا يتخذون منها سكاكين وفؤوساً ويسمى ذلك العصر بالعصر الحجري. ثم اهتدوا إلى النحاس ومزجوه بالقصدير فحصلوا عَلَى معدن البرنز ومن هذا البرنز كانوا يصطنعون أسلحتهم وأدواتهم وما زالوا عَلَى استعماله حتى عرفوا الحديد في العصور الثالثة ويسمى هذا الطور الثالث للبشر (العصر الحديدي).
والحديد أنفع المعادن قال تعالى (وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس). فاعترض (حسني) والدته وكان أكبر أخوانه قائلاً: يا أماه وهل نزل الحديد من السماءِ؟ قالت كلا وإنما خرج من الأرض قال فكيف يقول الله تعالى (وأنزلنا) قالت أن معنى (أنزلنا) هنا وهبنا ومنحنا.
ثم قالت لهم: ليس الحديد جميل المنظر ولا هو بذي لمعان وبريق كغيره من المعادن ولكن مع هذا لا ينبغي لكم أن تحكموا عَلَى الشيء بمجرد النظر إلى هيئته الظاهرة. فإن للحديد مزايا لا توجد في سواه. أعظم تلك المزايا صلابته ومقاومته للضغط الشديد الذي يقع عليه. وهذا الموقد من الحديد. ويستخرج الحديد من الأرض ممزوجاً بشوائب أخر فيصهرونه بواسطة موقد كبير حتى يمحصوه من تلك الشوائب. ويسمى الحديد بعد هذا التمحيص (حديد الصلب) وهذه القدر الصغيرة من ذلك الحديد. وإذا طلينا الحديد بالقصدير خرج لنا معدن هو (الصفيح) وهذه الآنية الصغيرة التي نسوي فيها القهوة من الصفيح. وإذا أضيف إلى الحديد مقدار قليل من الكربون ازداد صلابة وسمي حينئذ (فولاذاً) وهذه السكين التي ترونها عَلَى (الترابيزة) متخذة من الفولاذ.
لنفتح الآن درج) الترابيزة). (هذه ملاعق من القصدير الممزوج بمعدن آخر لين ثقيل هو الرصاص).
ثم قالت لهم مشيرة إلى الجدار: انظروا إلى المرآة. المرآة نديم المرأَة ومن عجيب أخلاق