الكتاب والسنة وطرح الزوائد التي تضر ولا تنفع وأكثرها مما تسرب إلى الدين من الوثنية الأصلية وسرى إلى الإسلام كما سرى إلى اليهودية والنصرانية من قبل.
فالإسلام دين التوحيد وهو أكثر الأديان تشديداً فيه وحرصاً عليه ومع هذا نرى بدعاً دخلت عليه تكاد تقربه من الوثنية لولا سلامة الأصول المحررة المعتبرة وقيام الآمرين بالمعروف الناهين عن المنكر في كل مصر وعصر.
لم يعهد المسلمون أيام كانوا يدينون بالإسلام الحقيقي أن دينهم كان مانعاً لهم من الرقي الاجتماعي والأدبي والعلمي والسياسي فالدين الذي جعل من أموال الأغنياء صدقة للبائسين والمعوزين قد فرض عَلَى منتحليه ما يسمونه بالتضامن والتكافل فلم تنشأْ فيه الاشتراكية المتطرفة التي تهتز لها أعصاب المفكرين في الغرب اليوم. والدين الذي يأْمر كتابه في الزواج بقوله فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع وأن خنتم أن لا تعدلوا فواحدة إلى أن قال ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم قد قلل من العهر والفجور وحفظ نظام البيوت أحسن حفظ وراعى حقوق المرأة ومن سنة الطلاق لزوجين لم يتأَت أن يتعاشروا بالمعروف ليس فيه ما يؤخر المدنية ويحول دون سعادة أهله ولكن خلف بعد السلف خلف أضاعوا الأصل والفرع وانتهكوا حرمات الله وجهلت الأمة فأغلطت حجاب المرأَة بعد أن كان رقيقاً معقولاً حتى منع الرجال من الاختلاط ببنات حواء فنشأَت عن ذلك مضار ومنافع والمضار أكثر ولو وقف الحجاب عند حد ما رسمته الشريعة من أن لا يبدي النساءُ زينتهن إلا لبعولتهن ويضربن بخمرهن عَلَى جيوبهن لكان نظام البيوت في المسلمين اليوم أرقى مما هو وخلصوا من معاكسة الطبيعة في رغائب النفس ولتفاهم الجنسان أكثر من الآن ولما أصبحت حياة رجالنا وحياة نسائنا لا تخلو من نغص وغصص.
والدين الذي يأْمر صاحبه أصحابه أن يتعلموا لغة اليهود والحبشة ويحث عَلَى تفهم أسرار الكون من طرقها حتى لم يأْت عَلَى الإسلام قرنان ونصف إلا وقد تناول أهله بمعونة الخلفاء وما عرف من علوم البشر وتداولوه بينهم وصبغوه بصبغتهم حتى أنشؤُا لهم مدنية لو لم يكتب لها القيام لانقطعت من العالم سلسلة علوم المصريين واليونانيين والرومانيين والفرس والهنود ولاضطر أهل المدنية الحديثة أن يرجعوا مبتدئين بالعلوم بحيث لا يتيسر