للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا يقصد غير السياسة.

فالملوك المتأخرون استعملوا الدين ذريعة إلى الدنيا وعبثوا أسراً بحرم الله وأدخلوا في الدين ما لبس منه وجعلوا العامة مسيطرين عَلَى الخاصة ففسد النظام وعاق ذلك سير الإصلاح في القرون الجامدة وإلا فأي مانع اليوم يمنع العثمانيين ولا سيما المسلمين منهم من الرقي وقد ارتفعت أكثر الحواجز والقيود بفضل القانون الأساسي الذي لا يناقض أصلاً من أصول الشريعة وإذا رأَينا بعض تناقض وجب علينا أن نفسر الشريعة لنطبقها عَلَى العلم كما يأْمر بذلك العلماءُ الراسخون.

أما اغتباط الأستاذ هرتمن بحال المسلمات في روسيا من أنه يباح لهن الدرس في المدارس الثانوية والعالية مع الفتيان فهذا عَلَى إطلاقه لا يصح أن يكون حجة عَلَى المسلمات العثمانيات والاختلاط إلا إلى حد محدود لا يخلو من مفاسد يعرفها علماء الأخلاق في الغرب وهم منها أكثر شكاية منا ويرجى بفضل الأفكار الغربية التي تدخل ببطءٍ إلى بلادنا كما قال المؤَلف أن تكون بعد اليوم حال المرأَة المسلمة أكثر انطباقاً مع المدنية والعقل والشرع فليس كل ما نراه هو ما كان عليه السلف الصالح كما قلنا.

وإن معظم ما نشكو منه من أمراضنا الاجتماعية ليس الدين منشأُوه بل الجهل بأمور الدنيا فينبغي لنا تهذيب نسائنا وتعليمهن عَلَى الأصول الدينية والمدنية ورجالنا كذلك وعندئذ لا يرمي مثل المسيو هرتمن أهل هذا الدين كله بما رماهم به ونحن نرى اليابان وهي الدولة الوثنية من أرقى دول الحضارة الحديثة ولم تعقها وثنيتها عن ذلك ونظن المؤلف يوافقنا عَلَى أن الإسلام بما دخله من خرافات المتأَخرين أكثر اتفاقاً مع المدنية من وثنية يابان.

فحياة الأمم بالدين الذي لا يمازجه تعصب أكثر منها بالانحلال من كل دين وأمة لا قديم لها يصعب عليها الارتفاع بحديثها كما فعلت فرنسا فأرادت نبذ كل قديم وإحلال الحديث مكانه فخسرت الصفقتين أو كادت ولو ربي شعبها تربية دينية خالصة مع ما يلقنه من التربية العصرية لما شكت فرنسا من زيادة العهر فيها وقلة نفوس سكانها سنة عن سنة وإنا لنعتقد أن قلة التسامح الذي نراه في الجامدين من أهل الطرق وأدعياء الدين يقل جداً من السلطنة يوم نعلمهم أو نعلم أبناءهم التعليم الوسط المنظم دع عنك العالي وحياتنا مناطة باستنارتنا ولا جمود إلا مع الجهل. وطريقة دينية عَلَى أصولها يدخلها النشوءُ والإصلاح بحسب سنة