أقوى من حرارة الشمس ثلاثة أضعاف تقريباً. ومع ذلك فيوجد كواكب أخر أحر جواً من الشعرى وذلك في صورتي الثور وحامل رأْس الغول المعروف أيضاً باسم سياوش. فكيف بعد ذلك يمكننا أن نسمع ظلامات شعرائنا الذين يقولون ببرودة الكواكب والنجوم. نعم إنهم مصيبون إذا أرادوا بذلك أن الكواكب لا تجيبهم بكلمة إذا ما شكوا لها ضيمهم وإلا فلا. والأولى بشعرائنا العصريين أن يستعيروا لهم برودة غير برودة الكواكب.
هذا وقد أدت الحسابات اليوم لا بل وأَبسط الحسابات أن الشمس لو كان لها جوّ مثل جوّ الشعرى لما كانت الحياة ممكنة عَلَى الأرض لتحول إلى البخار جميع العضويات الحية الموجودة عَلَى الأرض. ولما أثر ذلك شيئاً في سير سائر النجوم والكواكب.
وضياء الشعرى يضاهي حالة جوها غرابة وعجباً. فإن فلكينا الباريسي نوردمان قد أثبت بأنها تنير الكون بنور أقوى من نور الشمس خمسة وعشرين ضعفاً فيكون نور الشمس بالنسبة إلى نور الشعرى نسبة شمعة إلى مصباح زاهر أو بعبارة أخرى أخصر وأصح: يجب وضع خمس وعشرين شمساً من شمسنا لنحصل على ضياءٍ يشابه ضياء الشعرى. وإن شئت تعبيراً علمياً فقال: إن كل سنتيمتر مربع من وجهها يبرز نوراً ما يوازي تقريباً ستة ملايين من الشموع العشرية.
كل هذه الحقائق المقررة قد أثبتت بوسائط علمية حديثة في منتهى السذاجة لا محل لذكرها هنا لأن العين لا تستطبب نظر بناية فخمة جديدة إذا كنت تراها مدعمة بأخشابها والأجدر والأحسن أن تنتزع قبل أن ترمقها الأعين لتبدو بهجة منظرها.
ثم إن منظر طيف الشعرى كشف لنا أيضاً أموراً ما كان ليكشفها لنا غيره وهي في منتهى الغرابة أيضاً. فإن المنظار المذكور أظهر لنا أن في الشمس أغلي معادننا الأرضية وأما في الشعرى فإنه كشف لنا عن جو مركب كله تقريباً من كتلة عظيمة من الهدروجين وهو من أخف الغازات المعروفة. فيجب أن نستنتج من ذلك أن سائر العناصر الكيماوية التي هي أثقل قد تفككت وتحولت إلى هدروجين بقوة الحرارة الشديدة حرارة الشعرى. فإذا كان الأمر كذلك فحينئذ عند مرور الأعصار وكرور الأدهار لما يبرد الكوكب وينتقل من حالة الشعرى إلى حالة الشمس كما تحقق هذا الأمر عند جمهور العلماء يجب علينا أن نسلم أن الهدروجين في برودته يسير سيراً معاكساً أي إنه يتخثر رويداً رويداً فتتكون منه سائر