٣٣٦١ من الأجانب فتيان وفتيات ومن هؤُلاءِ ٩٢٦ يدرسون الحقوق و٥٢٠ يدرسون الطب و٧٧٣ العلوم و١٠٦٢ الآداب ولم تقصر كليات الولايات وعددها اثنان وعشرون كلية في بث روح التكافل الأخلاقي والعقلي فأنشأت كلية تولوز جمعية اجتماع الطلاب الفرنسويين في اسبانيا وأنشأَت كلية بوردو مدرسة الدروس الاسبانية العالية في مدريد وأنشأت كلية كرنوبل المجمع العلمي في فلورنسة وكلية نانسي وهي على الحدود الألمانية تعلم قاصديها احترام فرنسا وخدمتها للعلم. وهكذا الحال في كلية مونبليه وليل وليون فكليات فرنسا تعلم في السنة سبعة آلاف طالب وهو عدد ليس بقليل يدل عَلَى تفردها في هذا الشأن من بين أكثر الممالك الراقية.
هذه شذرة صغيرة في وصف كلية باريز التي ما زالت الحكومة الفرنسوية تنفق عليها النفقات الطائلة والمحسنون لا ينفكون عن إعطائها المنائح الكبيرة فقد وهبها كارنجي المحسن الأميركي كثيراً كما أن بعض الروسيين منحوها مالاً جزيلاً والفرنسيس يعطونها عن سعة. فحيا الله يوماً تقام لكل قطر من أقطار البلاد العربية كلية مثل هذه تدرس أبناءها علوم البشر بلغتهم وتكوّن مجتمعنا بالوطنية الصحيحة كما تكونها كليات الممالك الصغرى في الغرب كالبلجيك وهولاندة والدانيمرك والسويد ونروج وسويسرا والمجر وبولونيا وفنلندا والبرتقال.
حدائق باريز ومتاحفها
١٨
يطول بنا نفس الكلام إذا أردنا الإفاضة في كل فرع من فروع العمران بباريز وكلها مما يحتاج إلى صفحات كبيرة وربما ملّ القاريء قبل أن يمل الكاتب. ولقد عنيت مدة مقامي في هذه العاصمة أن لا أضيع ساعة من وقتي إلا في البحث عن جمعية أو إنسان وزيادة معهد فيه نموذج من ارتقاء العقول ووفرة العلم وحذق الأبدي وبسطة العيش وفضل الرفاهية ومما جعلته لأوقات الفراغ غشيان الحدائق والمتاحف ودور التمثيل والسماع.
في باريز حدائق كثيرة عامة ومنها الصغير الخاص بحي أو شارع صغير ويسمونها سكوار وهي كلمة إنكليزية معناها ساحة مربعة أو حديقة يحيط بها حاجز من قضبان حديد وتكون في ميدان عام وعددها ٣٦ حديقة تتمنى كل حاضرة من حواضر البلاد العثمانية أن يكون