وكانت في القرن الحادي عشر للميلاد قرية فأصبحت بعناية لويز الثالث عشر مدينة صغرى لأنه أقام فيها قصراً للراحة أثناء الصيد وأراد لويز الرابع عشر أن يجعل فرسال مركز حكومة فرنسا فأنشأَ فيها أبنية ومصانع عظيمة وكذلك فعل لويز الخامس عشر حتى أصبح عدد سكانها ثمانين ألفاً على عهد الثورة. وهكذا إذا أراد الملوك أن يعمروا بلداً أحيوه وإذا شاؤا أن يخربوه أماتوه. واشتغل في إقامة قصر فرسال الذي جعل المتحف فيه اليوم ثلاثون ألف رجل وسنة آلاف دابة في اليوم مدة سنين طويلة وقد فتحت أبواب المتحف سنة ١٨٣٧ وفيه اليوم. ٥٦٠٠ أثر تاريخي.
أما مجموعة الصور البديعة التي فيه فعددها ٢٤٠٠ صورة ليس لها نظير في العالم ومن يمعن النظر فيها كثيراً يخرج من المتحف وقد درس تاريخ فرنسا ووقائعها الحربية بالعمل والنظر.
ومن جملة ما حواه أسلحة ببيوت الشرف التي اشترك فرد أو أفراد منها في الحروب الصليبية. ومنها أبواب مستشفى فرسان رودس الذي أهداه السلطان محمود العثماني سنة ١٨٣٦ إلى لويز فيليب صاحب فرنسا. وفيه صور كثير من مشاهير الشرق كأنك تراهم عياناً وفيه صورة تمثل القائد كلبر الفرنسوي وسليمان الحلبي يقتله في حديقته في القاهرة زمن الاحتلال الفرنسوي في مصر.
أطلت الرواية في كل هذا وأنعمت النظر في النفقات الطائلة التي أنفقت على هذه القصور المزخرفة والمصانع العظيمة فأعطيت بعدها الحق لمن قاموا بالثورات الفرنسوية يريدون إنزال الملوك عن عروشهم وفصم عرى السلطة الفردية لتنقل إلى أيدي الأمة. نعم إن أقل نظرة إلى هذه القصور يستغرب معها المرء كيف لم تحدث تلك الثورات قبل حدوثها بزمن طويل ولكن الحوادث كالحبال لا تلد إلا بعد إتمام مدة الحمل أو كالثمر لا ينضج قبل إبانه.
ولم أتمكن يوم زيارتي لفرسال من رؤية كل حدائقها ومرافقها لنزول الثلج ولكني عَلَى الجملة أخذت منها صورة إجمالية كافية. شأني في كل ما زرته من المعاهد ورأَيته من المشاهد فلم يتيسر لي أن أُلقي عليه سوى نظرة واحدة لضيق الوقت وكثرة ما يجب أن يدرس من آثار هذه الحضارة الغربية الغريبة.
وبعد كل هذا صرت أَرى الاشتراكيين عَلَى حق فيما يطالبون به المجتمعات الحديثة في