كورة و٣٦١٧٠ مديرية ولها مجلس نواب ومجلس شيوخ ينتخب أعضاء الأول كل أربع سنين وأعضاء الثاني كل تسع سنين وهذان المجلسان هما اللذان ينتخبان رئيس الجمهورية لسبع سنين والقوة الإجرائية بيد الوزارة وهي المسؤلة أمام القوة التشريعية وتقسم هذه البلاد من حيث المعارف والأديان والبحرية والبرية إلى مناطق كثيرة تخالف ترتيب الإيالات وكلها لسان واحد وتربية تكاد تكون واحدة ونظامها واحد.
ومن نظر إلى تاريخ فرنسا السياسي والاجتماعي يتجلى له أنها هي بلاد غاليا المستقلة وهي عبارة عن ولاية رومانية عَلَى عهد مملكة الرومان افتتح الرومانيون منذ سنة ١٢٥ قبل المسيح البلاد الواقعة عَلَى شواطيء البحر المتوسط ثم افتتح قيصر البقية سنة ٥٨ ـ ٥١ ق. م ولم تكن إذ ذاك إلا خليطاً من العناصر والقبائل لا وحدة بينها ولا جامعة تجمعها ففي الشمال قبائل جرمانية وفي الوسط سلتية وفي الجنوب الغربي إيبرية وفي الجنوب الشرقي ليكورية وفي الولايات الرومانية مدن يونانية ومستعمرات إيطالية يتكلمون بنحو عشر لغات مختلفة ولم تكن لهم وحدة سياسية ولا رئيس أعلى بل كانوا عبارة عن نحو مئة من الشعوب لهم أوضاع مختلفة ويحكم عَلَى معظمهم مجلس شيوخ ومن هذه الشعوب من يعيش عَلَى حال انفراد ومنها متحدة بينها عَلَى التساوي ومنها من يشترك مع غيره ويترك الزعامة لمن يراه أحق بها.
وكانت المدن قليلة جداً في بلاد غاليا وغاية ما كان فيها ملاجيءٌ لأوقات الغارات وهي مراكز الأسواق والزيارات فبلاد غاليا كانت بلاداً زراعية وسكانها ثلاث طبقات الأشراف والمحاربون ومنهم ينتخب أعضاء مجلس الشيوخ والملوك والفرسان وعامة الشعب كانوا فدادين تقرب حالهم من العبودية ولم يكن يملك الأراضي ثم أصبحت ملكاً للأسرات الشريفة.
أما الحراثون فهم من توابع الأرض ويجيءُ بعدهم العبيد ويعدل من حال الأشراف طبقة الدرويد وهم الكهنة والأطباء والمنجمون والقضاة ولا سيما في أوسط البلاد.
ولما استقام أمير الرومانيين أقاموا زعيماً عاماً على البلاد ممتعاً بالسلطة المطلقة متصرفاً بالقوة الحربية والمدنية والدينية ونعني به الإمبراطور وهو زعيم الحرب والمشرع المطلق والقانون الحي والرئيس الروحي والرب ثم امتزجت البلاد بالعادات الرومانية واللغة