وهي لجوريس أحد زعماء الاشتراكيين تعيش من وارداتها الشرعية ولا تسفّ لتناول رشوة من أحد وإن الصحافة الإنكليزية أشرف غاية وأنبل قصداً وأكثر مادة وأوسع مصادر أما أنا فعللت هذا التصريح من أصدقائي الفرنسويين بأن إنكلترا هي أرقى الأمم بأخلاقها والأخلاق هي معيار الأمم والجرائد مرآتها.
ومن الصحف الباريزية ما يصدر صباحاً وأكثرها جرائد لا تهتم بالمسائل السياسية بل بالأمور المالية والحركة الأدبية كدور التمثيل والخطب وغيرها أما جرائد المساء فأكثرها يهتم بالسياسة فالطان والديبا من الجرائد المسائية والجورنال والماتين والبتي باريزين والبتي جورنال من الجرائد الصباحية والجرائد طبقتان قسم لعامة القراء وهي التي ينادي عليها المنادون في الشوارع بأعلى أصواتهم وتباع في كل مكان فيقرأها البواب والحوذي والمساح والكساح وسائق الأتوموبيل والشرطي والمرتزق وبعض التجار وذلك ككثير الجرائد الصباحية وقسم للطبقة العالية وأبحاثها لهم بالطبع مثل الطان والديبا والغولوا والفيغارو وهذه لا ينادى عليها وتباع بثمن أغلى فالطان يبتاع عددها بثلاثة فلوس أو خمسة عشر سنتيماً في حين تباع تلك الجرائد العامية بفلس واحد وهي أكبر حجماً وأوسع مادة من هذه ولكن شتان بين مادة ومادة وحجم وحجم.
وجريدة الطان هي الجريدة الوحيدة التي تعنى كثيراً بأخبارها هذا الشرق الأدنى خاصة والسياسة الشرقية عامة وهي جريدة وزارية تقدس كل وزارة تأْتي وهذه بالطبع تعطيها أخباراً وربما أمدتها بمعونة مالية وهي لا تذيل المقالات السياسية والإخبارية بأسماء كتابها على عادة معظم الجرائد السياسية وبذلك قد يقع لها أن تؤيد اليوم في مقالتها الأولى فكراً مخصوصاً ثم يجيءُ كاتب آخر من الغد في نفس ذاك المكان من الجريدة فيضعف ذاك الرأْي بعينه وينتقده. وأعرف الجرائد بالشرق عَلَى التحقيق هي هذه وربما كانت جريدة الإيكو دي باري من جرائد الصباح أكثر منها مادة برقية إخبارية عنه بدون تعليق على الحوادث. ومقالات الطان عن السياسة الشرقية تتناقل لأنها أقرب إلى الثقة والتعقل من غيرها ومع هذا تؤخذ بكل حذرٍ شأننا مع عامة الصحف الإفرنجية التي تقول الحق ولكن إذا صادف هوى لها وهيهات أن تقوله بدون عوض. ولقد كنت أظن جريدة الديبا وحدها ترتشي من السلطان عبد الحميد المخلوع ولكن علمت هنا أن الطان أيضاً عَلَى ما فيها من