للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اللغة الصقلية أن شغلت مكاناً مهماً على نحو ما رأيناه آنفاً في أن جزءاً من المفردات المالطية مأخوذ منها. ودخل على اللغة في تونس كثير من الألفاظ الإيطالية وقد لاحظ أحد العارفين أن هذه الألفاظ لا تستعمل إلا في الكلام الدارج أما اللغة المكتوبة فمنقحة للغاية ولذلك لا نستعملها. وفي مصر ترى بعض الألفاظ الإيطالية والظاهر أن بعضها سرت إليها بواسطة اللغة التركية مثل كلمة سيغورتا (الضمان أو التأمين).

واللغة اليونانية الحديثة أدخلت كالإيطالية على اللغة التركية العثمانية ألفاظاً كثيرة فإن ما وصل إلينا من النصوص القديمة يبين أن تاريخ الصلة بينهما يرد إلى ما قبل القرن الخامس عشر ولفظة أفندي الغريبة التي ذكر المسيو جان بسيشاري تاريخها وما تقلب عليها من التبدل الغريب في الصورة والمعنى هي من جملة تلك الألفاظ.

وفي لغة عرب المغرب جملة من الألفاظ ومنها ما هو من أصل إسباني وهي مألوفة الاستعمال في مراكش فقد كان للبرتقاليين أثر كبير في هذه البلاد فكيف يتأتى أن لا يتركوا فيها شيئاً من لغتهم وإذ كانت المناسبة قوية بين الإسبانية والبرتقالية وكان سكان مراكش يحرفون ما يقتبسونه عن الأوروبيين من الألفاظ فمن الصعب أن يميز في هذه الاقتباسات ما سرى إلى تلك اللغة من اللغة البرتقالية خاصة.

ولقد كانت الألفاظ الألمانية التي سرت إلى الشرق قليلة جداً وقال بعضهم أن لفظة غروش التركية مأخوذة من غروش الألمانية ولكن بعد البحث الدقيق في المعجم العثماني تبين أنه لم يسر إلى التركية إلا ألفاظ جزئية من التعابير الجرمانية.

وهنا ننتقل إلى اللغات الصقلبية (السلافية) فنرى لغات البلقان قد نقلت إلى التركية عدداً جزئياً من التعابير ومنها بعض الألفاظ العسكرية وهي من جملة الألفاظ القديمة في تنظيم الجيش العثماني. واللغة الروسية أكثر سرياناً ولكنها مقصورة على اللغات التترية في القريم وقازان وقافقاسيا وآسيا الوسطى فهي لم تتعد تلك التخوم فالألفاظ الروسية في البلاد العثمانية الإيرانية نادرة للغاية. ويجب أن لا يفوتنا أن ما تقتبسه اللغات التترية أو الروسية هي في الأغلب من أصل فرنسوي أو ألماني أو إيطالي. وما ذكرناه فيما تقدم عن اللغات الصقلبية البلقانية ينطبق أيضاً على اللغة المجرية ولكن اللغة الأرناؤدية والأرمنية وغيرهما من اللهجات المحكية في البلاد التي يتكلم فيها بالتركية لم تؤثر إلا قليلاً بهذه