للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليهن فتيان كجنة عبقر ... يهزون بالأيدي الوشيج المقوما

تنزيلهم الجن في مراتب

قال الجاحظ: ثم ينزلون في مراتب فإذا ذكروا الجني سالماً قالوا جنى. فإذا أرادوا أنه ممن سكن مع الناس قالوا عامر والجميع عمار. وإن كان ممن يعرض للصبيان فهم أرواح فإن خبث أحدهم وتعرم فهو شيطان. فإن زاد على ذلك في القوة فهو عفريت والجمع عفاريت. وهم في الجملة جن وخوافي قال الشاعر:

ولا يحس سوى الحافي بها أثر

فإذا ظهر الجني ونطق واتقى وصار خيراً كله فهو ملك في قول من تأول قوله كان من الجن ففسق عن أمر ربه على أن الجن في هذا الموضع الملائكة وقال آخرون: كان منهم على الإضافة إلى الدار والديانة لا على أنه كان من جنسهم وإنما ذلك على قولهم: سليمان بن يزيد العدوي وسليمان بن طوحان التيمي وأبو علي العبدري وعمرو بن قائد الأسواري: أضافوهم إلى المحال وتركوا أنسابهم في الحقيقة:

وقال آخرون: كل مستجن فهو جني وجان وجنين وكذلك الولد في البطن قبل له جنين لكون في البطن واستجنان وقيل للميت في القبر جنين وقال عمرو بن كلثوم:

ولا شمطاء لم تدع المنايا ... لها من تسعة إلا جنينا

يخبر أنها قد دفنتهم كلهم قالوا وكذلك الملائكة من الحفظة والحملة والكروبيين فلا بد من طبقات وربما فرق بينهم بالأعمال واشتق لهم الأسماء من السبب كما قالوا لواحد من الأنبياء خليل الله وقالوا لآخر كليم الله وقالوا لآخر روح الله. والعرب تنزل الشجعان في المراتب والاسم العام شجاع ثم بهمة أليس هذا قول أبي عبيدة.

فأما قولهم: شيطان الحماطة فإنهم يعنون الحية وأنشد الأصمعي:

تلاعب مثنى حضرمي كأنه ... تعمج شيطان بذوي خروع قفر

وقد يسمون الكبر والطغيان والخزوانية والغضب الشديد شيطاناً على التشبيه. قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: والله لا نزعن نعرته ولا ضربنه حتى أنزع شيطانه من نحرته وقال حسان بن ثابت في معنى قوله والله لأضربنه حتى أنزع من رأسه شيطانه فقال:

وداوية سبسب سملق ... من اليد تعرف جنانها