رأت خلق الأدراس أشعث شاحباً ... على الجدب بساماً كريم الشمائل
تعوّد من آبائه فتكاتهم ... وإطعامهم في كل غبراء شامل
ومما قال في هذا المعنى:
علام ترى ليلى تعذب بالمنى ... أخا قفرات كان بالذئب يأنس
وصار خليل الغول بعد عداوة ... صفياً وربته القفار البسابس
وقال في هذا المعنى:
فلولا رجال يا منيع رأيتهم ... لهم خلق عند الجوار حميد
أنالكم مني نكال وغارةٌ ... لها ذنب لم تدركوه بعيد
لكل بنو الإحسان حتى أغرتم ... على من يثير الجن وهي هجود
وتزعمن الأعراب أن الغول إذا ضربت ضربة ماتت إلا أن يعيد عليه الضارب قبل أن تقضي ضربة أخرى فإنه إن فعل ذلك لم تمت وقد قال شاعرهم:
فثنيت والمقدار يحرس أهله ... فليت يميني قبل ذلك شلت
وأنشدوا لأبي البلاد الطهوي:
لهان على جهينة ما ألاقي ... من الروعات يوم رحا بطان
لفيت الغول تسري في ظلام ... بسهم كالعيابة صحصحان
فقلت لها كلانا نضو أرض ... أخو سفر فصدي عن مكاني
فصدت وانتحيت لها بعضب ... حسام غير مؤتشب يماني
فقد سراتها والبرد منها ... فخرت لليدين وللجران
فقالت زد فقلت رويد إني ... على أمثالها ثبت الجنان
شددت عقالها وحططت عنها ... لا نظر غدوة ماذا دهاني
إذا عينان في وجه قبيح ... كوجه الهر مشقوق اللسان
ورجلاً مخدج ولسان كلب ... وجلد من قراب أو شنان
قال الجاحظ: وأبو البلاد الطهوي هذا كان من شياطين الأعراب وهو كما ترى يكذب وهو يعلم ويطيل الكذب ويجيزه وقد قال كما ترى:
فقالت زد فقلت إني ... على أمثالها ثبت الجنان