هذه الدرع غنمها السلطان مراد الرابع لما فتح بغداد في اليوم الثامن عشر لسنة ألف وثماني وأربعين هجرية وتخت معمول من الباغا مرصع بالفيروز والزمرد وهو تخت السلطان أحمد الثالث كان يجلس عليه يوم عرفة وفي وسطه فراش من الأطلس مرصع باللآلئ بنقوش لطيفة يصعد إليه بثلاث درجات صغيرة وخزانة من الكهرباء الملون المعرق أهدتها فيكتوريا ملكة الإنكليز للسلطان عبد العزيز ومكتب (قنصل) كبير مرصع بالماس والياقوت وسائر الأحجار الكريمة أهدتها كاترينة قيصرة الروس للوزير الأعظم محمد باشا البلطه جي يوم وقعة (بيروت) الشهيرة وهذا المكتب من أثمن ما شاهدناه في هذه الخزينة لما فيه من الأحجار الكريمة وحلل ملوك بني عثمان وعمائمهم موضوعة كلها على قوالب مخصوصة على شكل إنسان بالهيئة التي كانت عليها ومكتوب على كل اسم منها اسم صاحبها وسيف السلطان الغوري عزيز مصر وخاتم السلطان عبد العزيز الذي نزع من إصبعه يوم استشهاده ووسامات مختلفة أهداها ملوك أوربا للسلاطين العثمانيين وغير ذلك من الآثار البديعة التاريخية.
وفي الجملة أن هذه الخزينة هي أعظم خزينة على وجه الأرض لأنها جمعت بين خزائن الأكاسرة وخزائن القياصرة وملوك الإسلام وكانت في الدور القديم تجمع فيها الأموال على نفقة الدولة وتدخر لأوقات الحروب وتسمى (ايج خزينة) أي الخزينة الداخلية. يروى أن السلطان مصطفى الثالث كان جمع فيها مبالغ طائلة صرفها كلها في الحرب الروسية ويقدر ما صرفه في ذلك الوقت باثني عشر مليون ليرة على حساب هذا الزمان.
أما بناء الدائرة فليس من الأبنية الفخمة المزينة بل هو بسيطْ جداً على طرز التكايا وليس فيه ما يستحق الذكر سوى ما ذكرناه آنفاً من القصور الحديثة التي بناها ملوك بني عثمان بعد الفتح وإنما هي تمتاز بجمال موقعها وحسن مناظرها ومكانتها التاريخية فالواقف في فنائها أو في أحد قصورها يمتع طرفه بتلك المناظر البهيجة ويسرح فكره في غابرها وحاضرها ويهتز طرباً وتتجلى له عظمة آل عثمان وسلطانهم ويرى الفاتح يسوق أسطوله على اليابسة بأعجوبة لم يسبق لها نظير ويفتح القسطنطينية ويملك قصر القياصرة وخزائنهم كما افتتح أجداده بلاد الأكاسرة وقوضوا عروشهم ويكون نعم الأمير الذي امتدحه الرسول وجيشه نعم الجيش.