وفي الحقيقة إن هذا البناء اللطيف من أجمل ما يتصوره الفكر وألطف ما تشعر به النفوس فهو يحتاج إلى قريحة شاعر مطبوع أو قلم كاتب مجيد يصف ما تشعر به النفس من المعاني الشعرية في جانب هذه المناظر البهيجة والآثار التاريخية. هذا ولا يسعني هنا إلا أن أثني الثناء الطيب على ناظر المتحف حافظ محمد رفيق بك لما أبداه من المجاملة والملاطفة في زيارتنا هذه كما أني أشكر للأستاذ الزهراوي وعبد العزيز أفندي قولجه لي عنايتهما في هذه الزيارة التي هي من أثمن الزيارات التاريخية.
المتحف العثماني
ليس بين معاهد الأستانة وقصورها معهد توفرت فيه شروط التجديد ودخلته الروح الغربية مثل المتحف العثماني فهو المعهد الوحيد الذي قلدنا فيه الأوروبيين وأحسنا التقليد يستفيد به زائره تاريخ الصناعة ولا غرو فقد ضم عاديات الأمم القديمة كالرومانيين واليونانيين والفينيقيين والآشوريين والبابليين والمصريين والهيبيين والبيزنطيين المتأخرين من نواويس وتماثيل وأواني وآثار حجرية وخزفية وبلورية وكلها شاهدة على الدهر بما كانت عليه حضارات الشعوب التي انقرضت فأصبحت بلادها من جملة ولايات هذه السلطنة العثمانية أيد الله أركانها.
ومن أجمل ما يشاهد فيه مسلتان عثروا على الأولى في صامسون والأخرى في ازنيق وأسد وجد في هاليكارناس (قصبة بودروم) ويرد تاريخه إلى أربعة قرون ق. م وبجانبه ناووس روماني استخرج من دراج في ولاية أشقودرة ومن ألطف عاديات هذه الدار النواويس التي عثر عليها في صيداء وهي عبارة عن ستة وعشرين ناووساً ادعى بعضهم أن أحدها هو ناووس اسكندر المقدروني لأن الإسكندر توفي في العراق وجيء به إلى سورية على أن روايات المؤرخين مختلفة في دفنه. ومن النووايس ناووس دفن فيه تابنيت ابن اشموناراز ملك صيداء وعليه كتابة بالخط الفينيقي. وناووس الإسكندر من أغرب ما نقش النقاشون تحدسنا عليه وعلى كثير من الآثار الموضوعة في قاعات متحفنا أهل العاديات والآثار ويبذلون لنا لو أردنا في الحصول عليها مئات الألوف من النضار ونووايس المتحف البريطاني واللوفر ليست بأعظم منها.
ومن عاديات المتحف ناووس معروف باسم صدراب أحد ولاة فارس فيه رسوم الصيد