من الواردات والدولة تحاول أن تجعل لها بحرية تضاهي قوتها البرية وهيهات أن يتم لها ذلك وقد جعلت المخصص لهذه الغاية مليون ليرة وأخذت تجمع إعانة لإنشاء أسطول من رواتب الموظفين عَلَى اختلاف درجاتهم وتهز أكف المحسنين من الأهلين فجمع حتى الآن اثنان وأربعون مليون قرش أوصت بأكثرها عَلَى مدمرات ونسافات. وتدفع الدلوة زهاء ثمانية ملايين وربع للديون العمومية العثمانية مما يبلغ مع اللازم للجيش البري والبحري زهاء ثلثي الدخل والباقي يصرف رواتب لرجال الإدارة والدرك والمعارف والنافعة.
أما إصلاح المالية فموقوف كما يقول العارفون عَلَى إصلاح طرق الجباية وتعديل قيم الأملاك وتضمين الأعشار بحيث يتعادل ما يجبى منها من الفلاحين ومن كبار الأغنياء المالكين وأن تطبق من خطط الإصلاح ما لا يكلفها النفقات الطائلة ويكون مأمون المغبة مثل إصلاح ري العراق واستثمار القرب فالأقرب من مناجمها وإنشاء الأهم فالأهم من خطوطها الحديدية ومرافئها البحرية. والاضطلاع بجباية رسوم الأغنام وفرض ضريبة التمتع عَلَى التجار الوطنيين والأجانب عَلَى صورة عادلة وإذا قبلت الدولة بزيادة الرسوم الجمركية أربعة في المئة تصبح ١٥ في المئة فتبلغ الزيادة فيها ٣٤ في المئة وإذا أضفنا إليها إصلاح إدارة الجمارك بتكثير رواتب الموظفين والاقتصار عَلَى المقتدرين منهم تزيد الواردات نحو ٣٥ في المئة.
وبيت قصيد كل هذا الاقتصاد في النفقات فقد رأينا الحكومة اقتصدت في الظاهر من أمور طفيفة وأسرفت في أمور كبيرة وما ندري عَلَى أي قاعدة من قواعد الاقتصاد طبقت فانون التقاعد في موظفيها فبعد أن كان العامل من الموظفين يقبض ألف قرش مثلاً أجرة تقاعده وأخذت تدفع له ألفاً ومئة قرش أي أنها زادته في رزقه وبذلك خسرت من وجهين الأول أنه دخل في زمرة المتقاعدين أنا كان يرجى أن ينفعوها بمعارفهم وتجاربهم لو داموا عَلَى عملهم مع مراقبتهم واستعاضت عنهم بإغمار لا يحسنون كيف يسيرون إلا قليلاً وتكبدت الخزانة من الوجه الثاني زيادة رواتب المتقاعدين.
ولو كانت الحكومة تقت رض المال اللازم لسد هذا العجز لهان الأمر وقلنا لها لا بأس من إقدامها الآن عَلَى تحسين ما تريد تحسينه والتوسعة في النفقة ولكنها تنفق بالاستدانة من مصارف أوربا وعليها الآن نحو ١٣٠ مليون ليرة عثمانية دين للمصارف وقد استلفت في