الصور توشك أن تأتي عَلَى كل اجتهاد للفهم وتفكر الإنسان بنفسه في موضوع بمجرد وصفه وصفاً بسيطاً. ولكن الذاهبين إلى أن الصور تضعف قوة التصور هم عَلَى خطأ في دعواهم فإن الصورة تقوي الجهاد للفهم وذلك بأن تجعل الحواس والذهن تتحرك بنفسها منذ الصغر ويتسع أمام الطفل عالم العلم المنوع وتعلق بواسطته مبادئ من العلم غير قليلة وبذلك يكون الفكر في سعة من الوقت والقوة اللازمة للبحث في أمور أخرى لا يتأتى التمكن منها بالنظر. نعم إن الصور توضح كل شيءٍ بحيث تكتفي أرباب أرباب العقول العادية بما فيها وهي مفيدة تفتح لأرباب الأفكار العالية أموراً جديدة أخرى. ولعمري أليس التصوير من حيث الجملة هو سبب ونتيجة لاتساع الانتباه العقلي في السنين الأخيرة.
فالواجب أن تري الجغرافيا عيوننا صوراً من بلاد العالم لم نراها ولن نراها. وأن يكون التاريخ معرضاً صور لكل عصر أو لكل القصص التي تعظم قيمتها لقلة صحتها لأنها تعبر عن حالة الأفكار العامة لزمن أو لشعب أهم من فكر الأبطال الذين تنتسب إليهم. وأن يكون التاريخ الطبيعية عبارة عن نزهة في حدائق حيوانات أو حيوانات تتمثل حية ونباتات تبدو بجمالها وقوة أصولها وصخور تبدو عَلَى أجمل مظهر لتنبه النظر إلى التأمل.
نعم فلتكن عجائب المعامل والأدوات وما وصلت إليه بعض الصناعات والأعمال الاجتماعية من الارتقاء من مألوف عقل الولد بوساطة التصوير وبذلك يربح الطفل لنفسه وللمستقبل لأن ما يتمثل لعينيه يقيمه وسط التمدن العصري محفوفاً باكتشاف العلم وتبدل الأخلاق السريعة في تحولها اليوم وكم من عادة كانت بالأمس غريبة فأصبحت اليوم من المألوف وكذلك سيكون الحال غداً في الطيران في الهواء فلكي يستعد الطفل لتلقي ما يحدث غداً من الارتقاء يجب عليه بعد الآن أن ينظر بلا انقطاع بكل ما فيه من قوة نظر إلى ارتقاء اليوم.
والصور مفيدة في تعليم الحساب وتصور الحياة العملية وفي دراسة النحو والصرف فإن كتاب علم مصور تصويراً جيداً هو درس في الذوق ولطف في الصناعة والواجب أن ينبه المعلم تلميذه إلى ما حوت الصورة التي تمر في الدرس من المعاني وإن كان من الصور ما ينطبق بنفسه فالأولى أن ينطقه. فالطفل لأول حركته يعطى لعباً وصوراً منقوشة محسمة فإذا تقدم في السن تعرض عليه صور عَلَى الورق ليتعلم منها ما يحدث في الحياة البيتية