صناعاتها وفنونها كيف رقيت ويقرأ تاريخ أجداده ويشعر بالصلات والاتحاد المعقود بين الأرض وأجيال الناس الذين راقهم النزول فيها وحولوها منذ قرون إلى الحالة التي وقع استحسانهم عليها.
وبهذه التربية تتربى الحواس في التلميذ عَلَى حين تصاب بين جدر المدرسة بإغفاء. والتربية الطبيعية تشد أزر التربية العقلية وهناك القوة والنفاذ فيتيسر للتلامذة أن يقدروا الأبعاد الشاسعة بسيرهم عَلَى الأقدام ثم بالعين من بعيد ولا يبرحون يتصورونه حتى يترسخ في ذاكرتهم فينظرون إلى قامة إنسان وعلو بيت وطول شجرة عَلَى اختلافها في البعد والطول ويميزون بين جمال الأصقاع وما يتخللها من المظاهر والألوان أما صغار الأطفال فلا يستطيعوا أن يسايروا أترابهم الأكبر منهم سناً فيجلسون إلى ناحية ويقطفون زهوراً وأوراقاً ويعدونها وبذلك يكون لهم درس في الحساب ثم يجمعونها بحسب أشكالها وحجمها وبذلك تتمرن ألسنتهم عَلَى الكلام وأذهانهم عَلَى النظام. فحاستا الذوق والشم تتمرنان باستنشاق الزهور وجنيها ورائحة المرج والأرض وغابة الصنوبر والسمع يتعود الإنصات إلى خرير المياه وتقدير المساوف التي تبلغ بها الآذان وتتمرن الأيدي كما تتمرن العيون عَلَى المساحة وتكعيب الخشب فتقرب التلميذ من الأرض ومن أعمال البيوت.
نعم بهذه الواسطة يتعلم الطفل عَلَى الحساب والمساحة والعلوم الطبيعية بما يعده ويحسبه ويحوله ويجمعه من النبات والحيوان والمعادن والأحجار والمسافات وهكذا ينتقل نظر التلميذ في الخلاء من حقل يعمل صاحبه بيد وكرم يعزقه مالكه ومعمل يشتغل فيه الفتيان والفتيات وترتفع الكلفة بين المعلم وتلاميذه فيسيرون معه أو يسير معهم كما يسير أب مع بنيه ويدرك التلامذة باحتكاكهم بأرباب الصناعات وعملة الحقول أن العمل شريف في ذاته وأنه خير ما يعد له نفسه.
العالم في الصور
كتبت الآنسة برس في مجلة التربية مقالة قالت فيها: إن أول من رأس تسهيل الدرس عَلَى الأطفال بوضع صور في الكتب المدرسية هو أحد قدماء العلماء آموس كومينوس (١٥٩٢_١٦٧١) وما برحت طريقته تنتشر ولكن عَلَى ضعف حتى العهد الأخير وقد غدت الكتب المدرسية وغيرها مصورة كلها بل أفرطوا في بعضها حتى قال بعضهم أن كثرة