التمثيل كقوله تعالى فتمثل لها بشراً سوياً وكما كان النبي عليه الصلاة والسلام يرى جبريل في صورة دحية الكلبي والقسم الثاني أن يكون لبعض الملائكة بدن محسوس كما أن نفوسنا غير محسوسة ولها بدن محسوس هو محل تصرفها وعالمها الخاص بها فكذلك وربما كان هذا البدن المحسوس موقوفاً على إشراق نور النبوة كما أن محسوسات عالمنا هذا موقوف عند الإدراك على إشراق نور الشمس وكذا في الجن والشياطين اهـ.
وقال الغزالي في الإحياء في بيان تسلط الشيطان على القلب بالوسواس بعد تمهيد مقدمة ما مثله: فمبدأ الأفعال الخواطر ثم الخاطر يحرك الرغبة ثم الرغبة تحرك العزم والعزم يحرك النية والنية تحرك الأعضاء والخواطر المحركة للرغبة تنقسم إلى ما يدعو إلى الشر أعني ما يضر في العقبة وإلى ما يدعو إلى الخير أعني إلى ما ينفع في الدار الآخرة فهما خاطران مختلفان فأفتقر إلى اسمين مختلفين فالخاطر المحمود يسمى إلهاماً والخاطر المذموم أعني الداعي إلى الشر يسمى وسواساً ثم أنك تعلم أن هذه الخواطر حادقة ثم أن كل حادث فلا بد له من محدث ومهما اختلفت الحوادث دل ذلك على اختلاف الأسباب هذا ما عرف من سنة الله تعالى فر ترتيب المسببات على الأسباب، فمهمات استنارت حيطان البيت بنور النار وأظلم سقفه واسود بالدخان علمت أن سبب السواد غير سبب الاستنارة وكذلك لأنوار القلب وظلمته سببان مختلفان فسبب الخاطر الداعي إلى الخير يسمى (ملكاً) وسبب الخاطر الداعي إلى الشر يسمى (شيطاناً) واللطف الذي يتهيأ به القلب لقبول إلهام الخير يسمى (توفيقاً) والذي به يتهيأ لقبول وسواس الشيطان يسمى (إغواءً وخذلاناً) فإن المعاني المختلفة تفتقر إلى أسامي مختلفة. و (الملك) عبارة عن خلق خلقه الله تعالى شأنه إفاضة الخير وإفادة العلم وكشف الحق والوعد بالخير والأمر بالمعروف وقد خلقه الله وسخره لذلك. (والشيطان) عبارة عن خلق شأنه ضد ذلك وهو الوعد بالشر والأمر بالفحشاء والتخويف عند الهم بالخير بالفقر. فالوسوسة في مقابلة الإلهام. والشيطان في مقابلة الملك. والتوفيق في مقابلة الخذلان. وإليه الإشارة بقوله تعالى (ومن كل شيء خلقنا زوجين).
ابن حزم
قال رحمه الله في كتابه الفصل في الكلام على الجن ووسوسة الشيطان ولعله في