للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المصروع:

لم ندرك بالحواس ولم علمنا وجوب كونهم ولا وجوب امتناع كونهم في العالم أيضاً بضرورة العقل ولكن علمنا بضرورة العقل إمكان كونهم لأن قدرة الله تعالى لا نهاية لها وهو عز وجل يخلق ما يشاء ولا فرق بين أن يخلق خلقاً عنصرهم التراب والماء فيسكنهم الأرض والهواء والماء_وبين أن يخلق خلقاً عنصرهم الهواء والنار فيسكنهم الهواء والنار والأرض بل كل ذلك سواء وممكن في قدرته لكن لما أخبرت الرسل الذين شهد الله عز وجل بصدقهم بما أبدى على أيديهم من المعجزات المحيلة للطبائع بنص الله عز وجل على وجود الجن في العالم وجب ضرورة العلم بخلقهم ووجودهم وقد جاء النص بذلك وبأنهم أمة عاقلة مميزة متعبدة موعودة متوعدة متناسلة يموتون وأجمع المسلمون كلهم على ذلك نعم والنصارى والمجوس والصابئة وأكثر اليهود، وهم يروننا ولا نراهم قال الله تعالى إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم فصح أن الجن قبيل إبليس قال الله عز وجل إلا إبليس كان من الجن، وإذا أخبرنا الله عز وجل أننا لا نراهم فمن ادعى أنه يراهم ورآهم فهو كاذب إلا أن يكون من الأنبياء عليهم السلام فذلك معجزة لهم كما نص رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه تفلت عليه الشيطان ليقطع عليه صلاته قال فأخذته فذكرت دعوة أخي سليمان ولولا ذلك لأصبح موثقاً يراه أهل المدينة أو كما قال عليه السلام وكذلك في رواية عن أبي هريرة الذي رأى إنما هي معجزة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا سبيل إلى وجود خبر يصح برؤية جني بعد موت رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما هي منقطعات أو عمن لا خير فيه.

وهم أجساد رقاق صافية هوائية لا ألوان لهم وعنصرهم النار كما أن عنصرنا التراب وبذلك جاء القرآن قال الله عز وجل والجان خلقناه من قبل من نار السموم والنار والهواء عنصران لا ألوان لهما وإنما حدث اللون في النار المشتعلة عندنا لامتزاجها برطوبات ما تشتعل فيه من الحطب والكتان والأدهان وغير ذلك ولو كانت لهم ألوان لرأيناهم بحاسة البصر ولو لم يكونوا أجساماً صافية رقاقاً هوائية لأدركناهم بحاسة اللمس.

وصح النص بأنهم يوسوسون في صدور الناس وأن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم فوجب التصديق بكل ذلك حقيقة وعلمنا أن الله عز وجل جعل لهم قوة يتصلون بها إلى